الأربعاء، 23 يناير 2013

فيلدمان للعالم العربي أن يطبق الشريعة الإسلامية،، ولكن دون تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية!



يرى فيلدمان أن الديانة الإسلامية لا تختلف في النواحي السلوكية والأخلاقية عن الديانتين اليهودية والمسيحية.  بل إنه يوجد بين المذاهب المسيحية واليهودية (في أمريكا) من هم أكثر تزمتاً وتشدداً من أكثر التيارات الإسلامية تطرفاً.  إن الفكر والسلوك الإسلامي المحافظ لا يتعارض مع الحضارة اليهومسيحية من حيث الجوهر.  أما على المستوي الأيدولوجي فالشعوب الإسلامية ترفض الشيوعية وتنفر من البوذية والهندوكية، ولذلك فالمسلمون أقرب للغرب منهم للشرق.  على المستوى الإقتصادي فإن النظام الإسلامي هو أقرب ما يكون للنظام الرأسمالي مع قدر من التكافل لا يتعارض، بل ينسجم مع الحضارة اليهومسيحية.  إن العالم الإسلامي هو الشريك الأمثل للحضارة الغربية.
لا يري فيلدمان العالم الإسلامي كخصم في صراع الحضارات، ولكن كشريك أو حليف محتمل في النظام العالمي الجديد (بشرط إستمرار التبعية طبعاً) يمكن أن يحقق للقوة العظمي مكاسب أكثر جداً مما يمكن تحقيقه بطرق أخرى أكثر عنفاً وأفدح تكلفة.
أما للإجابة على سؤال “لماذا يكرهوننا؟” فإن فيلدمان لا يرى أن المسلمين يكرهون الغرب بالضرورة أو العقيدة،، بل إن كثير من المسلمين ينظرون للحضارة الغربية بإعجاب وإنبهار ويتمنى كثير منهم السفر للغرب، وأمريكا خصوصاً سواء للزيارة أو الإقامة (لاحظ مثلاً كيف أن بعض المتحدثين بإسم التيار السلفي في مصر يحرصون على إستخدام كلمات إنجليزية في احاديثهم–للتدليل على أنهم متفتحين وليسوا رجعيين).  إن مشاعر المسلمين تجاه الغرب ليست كراهية عقائدية ولكنها مشاعر غضب نتيجة ما تعرضوا له من مهانة وإذلال على يد الغرب عبر سيل منهمر من الهزائم العسكرية والإحتلال الغاشم على مدار قرنين من الزمان.
يرى فيلدمان أنه يمكن تحويل العالم الإسلامي من أعداء إلى شركاء،  ويمكن القضاء على الإرهاب الإسلامي، بل وحتى إنهاء حالة العداء الشعبي لدولة إسرائيل، إذا قام الغرب بمنح المسلمين شيء من الكرامة وأن نعاملهم بدرجة أكبر من الإحترام والثقة.  يرى فيلدمان أن المسلمين سوف يصبحون أكثر نفعاً للغرب إذا تحولوا من نظام الدول الوطنية المستبددة الفاشلة إلى أنظمة عادلة تحترم القانون. ليس مهماً أن تكون دول متحررة أو ديمقراطية بالمفهوم الغربي، ولكن يجب إستعادة سيادة القانون.
من كل ما سبق، يرى فيلدمان أن الحل الأمثل لإحتواء العالم الإسلامي و تفادي صراع الحضارات، و القضاء على الإرهاب الإسلامي، بل وتوفير مناخ مناسب لإستمرار وأمن دولة إسرائيل–كل هذا ممكن إذا أمكن إستعادة دولة الخلافة الإسلامية.  طبعاً، فيلدمان لا يرغب في دولة خلافة مثل الأموية أو العباسية متلاً (فهذا يعتبر تجسيد لكابوس صراع الحضارات في أسواء سيناريوهاته) بل ولا حتى نوع من الإتحاد الإقتصادي على غرار الإتحاد الأوروبي–حيث أن ذلك قد يؤدي لخروج العالم العربي من التبعية للغرب.
يريد فيلدمان للعالم العربي أن يطبق الشريعة الإسلامية،، ولكن دون تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية!
إن فيلدمان لا يرى في الشريعة الإسلامية أحكام قصاص وتحريم للخمر وللربا إلخ إلخ. فهذه بالنسبة له تفاصيل جانبية.  فيلدمان يرى في الشريعة قانون مقدس  يحترمه الجميع، وبالتي يمكن توجيه الشعوب من خلالها.  فيلدمان يرى في الشريعة إستعادة طبقة العلماء لدورهم الرقابي بما يضمن عدم فساد أو إستبداد الحاكم.  فيلدمان لا يريد رجم الزاني وقطع يد السارق، ولكنه يريد دولة قانون…دولة يحترم فيها القانون بما لا يسمح للحاكم أن يطغى ويدمر الشعوب نتيجة نزواته.  فيلدمان يرى أن القانون في العالم الإسلامي قد يكون نوع ما من الشريعة، وأن أفضل وسيلة لإعلاء تلك الشريعة هي عودة نوع ما من علماء الإسلام لدور الرقيب والضامن لإحترام الشريعة.
مطلوب أنظمة ذات مرجعية إسلامية لنظام الحكم، بدون تطبيق فعلي لأحكام الشريعة الإسلامية.  مطلوب دولة (بالأصح دول) خلافة إسلامية دون أن تكون هناك وحدة إسلامية.  مطلوب سيادة القانون (الذي يقدسه عباد الله المؤمنين) مع عدم تفعيل جوهر ذلك القانون.  (لاحظ أن هذا التصور–دوله مدنية بمرجعية إسلامية–هو نفس المشروع الذي تتبناه، على الأقل في العلن، حركة الإخوان في مصر، والنهضة في تونس، ومجلس الثورة في ليبيا، وكذلك الحركات الإسلامية في المغرب والأردن).  لقد أصبح الإسلام السياسي في معظم ارجاء العالم العربي يطالب فقط بالمرجعية، دون الإصرار على التطبيق الفعلي للشريعة، وينادي بدولة ذات طبيعة إسلامية، مع استبعاد كامل لفكرة دولة الخلافة الواحدة الموحدة.  وبذلك فإن هذه التيارات الإسلامية تتوافق تماماً مع تصور فيلدمان للشرق الأوسط الجديد، ولكن طبعاً مع إختلاف الدوافع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق