الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

ما هي المعالم التي وجدها البابا شنودة في جمال مبارك

جمال سلطان (المصريون) : بتاريخ 20 - 10 - 2009
لم أكن أحب أن أتعرض لمواقف البابا شنودة وتصريحاته غير المسؤولة والتي تكررت وتكاثرت في الفترة الأخيرة بصورة مزعجة جدا ، وتجنبت التعليق عليها مراعاة لمشاعر كثيرين ربما يؤذيهم انتقاده ، رغم كثرة انتقادنا لرموز دينية إسلامية عديدة بما فيها شيخ الأزهر ، إلا أن أحاديث البابا الأخيرة وتصريحاته وصلت إلى حد من الاستفزاز والإهانة للقوى الوطنية المصرية بكاملها غير مسبوق ، ولا يليق برجل دين أن يصرح بها بهذه الفجاجة ، لقد سبق للبابا شنودة أن تحدث عن احترامه لشخص جمال مبارك ، ثم تحدث عن كفاءة جمال مبارك ، ثم تحدث عن قبوله لترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية ، ولم يكف هذا كله ، وسط أجواء يعرفها هو جيدا من حساسية مسألة التوريث وقلق المجتمع وقواه الحية جميعا من هذا السيناريو ، ثم أخيرا ظهر في قناة صديقه الملياردير القبطي نجيب ساويرس لكي يقول ما نصه "سأؤيد جمال مبارك فى حالة ترشيحه للرئاسة، ولن أتراجع عن رأيى" ، بطبيعة الحال البابا شنودة ليس كاتبا صحفيا مثلا يعرض وجهة نظره أو مثقفا عاديا يبحبح عن مشاعره ، وإنما هو شخصية دينية رمزية لها هيمنتها على توجهات ملايين الأقباط في مصر ، وبالتالي عندما يقحم نفسه بهذا الإلحاح مرارا وتكرارا على اختيار جمال مبارك لرئاسة الجمهورية ويدافع ويصر ، فهي إشارة منه وتوجيه صريح بأن "الطائفة" بكاملها تلقي بثقلها خلف جمال مبارك ، وهذه انتهازية سياسية رخيصة جدا ، ولا تليق برجل دين ، والأخطر في كلام البابا أنه عندما أعلن عن اختياره لجمال مبارك لرئاسة الجمهورية في موقف لا يراعي مشاعر ملايين المصريين ، فإنه أضاف إلى انتهازيته السياسية سوء أدب مع رموز مصر ورجالاتها من كل التيارات ، عندما قال في نفس الحوار ما نصه "هل هناك منافس أمام جمال مبارك، أو هل يوجد من هو أكفأ منه" ، وهذا أشبه بالسباب والازدراء بمصر كلها ، وكأنها بعد أن عقمت عن أن تلد مثل حسني مبارك ، فهي عقمت عن أن تلد مثل ابن مبارك ، ما هذه السخافة وما هذه الانتهازية الرخيصة ، وما هذه الإهانة لكل المختلفين مع جمال مبارك أو الرافضين لتوريثه السلطة ، ما هي المعالم التي وجدها البابا شنودة في جمال مبارك جعلته ينصبه أكفأ رجل في مصر ، هلا شرح لنا جنابه هذه الصفات الأسطورية والإنجازات التاريخية التي تجعل من جمال مبارك "لم تلده ولادة" في مصر ، هل هذه الانتهازية السياسية الرخيصة تليق برجل دين مسؤول عن ملايين المواطنين روحيا وأخلاقيا ، البابا شنودة في حواره قال بوضوح أن الأقباط خارج لعبة الرئاسة ، لأن رئيس الجمهورية يكون من الأغلبية ، فلماذا لا تحترم مشاعر الأغلبية ، ولماذا تحقر رجال الأغلبية وقياداتهم السياسية ورموزهم ، وهل هذا الخطاب الانتهازي ، لوجه مصر أم لوجه الطائفة ، هل هذا التدليل والغزل المستمر لجمال مبارك حرصا على تقوية السلطة في مصر أم حرصا على إضعاف مؤسسة الرئاسة لكي يتسنى للهوس الطائفي أن يتمدد بسهولة أكثر ، وهل هذا الغزل هو "عربون" الاتفاق مع جمال مبارك ، لكي "يدفع" لك المقابل بعد ذلك امتيازات طائفية معينة على حساب الوطن وأمنه واستقراره وحقوق الأغلبية فيه ، ولماذا تتعجل "مقدم الثمن" بتحريض جمال مبارك على بعض المحافظين الذين رفضوا أن "يركعوا" أمام ضغوطك وإملاءاتك المهددة لأمن البلد واستقراره ، لقد اتهم البابا في حواره الصحف بالإساءة إلى الكنيسة ومقامها وهيبتها ، والحقيقة أن أحدا لم يمس الكنيسة أو البابا عندما كان في "مكانه" الطبيعي كرجل دين وراعي للأخلاق والضمير الروحي ، أما عندما يأتي بنفسه إلى معترك السياسة ، ومن أسوأ أبوابها ، فلا يلوم الصحافة أن تتعامل معه كشخصية سياسية يؤخذ منها ويرد عليها ، .. لماذا تتورط يا رجل الدين في "وحل السياسة" بهذه الاعتباطية المستفزة ، وإذا كنت قد قررت الخوض في صراعاتها ووحلها ، فمن العدل أن تتحمل رشقات "الطين" التي تصيب مقامك الرفيع .gamal@almesryoon.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق