حققت ألمانيا سمعة عالمية ، ودخلا قوميا ضخما من عدساتها الطبية والتي أساسها الرمال . كما حققت الولايات المتحدة الأمر ذاته من أبحاثها في وادي السيليكون (وكذا طفلها المدلل إسرائيل) وأصل السيليكون خام السيليكا المستخلص من الرمال . فإذا علمت سيادتك أن مصر تصدر رمالها البيضاء (والتي هي في التصنيف أفضل رمال بيضاء في العالم بحسب قول عديد الجيولوجيين الذين بُحت أصواتهم على القنوات الفضائية ) التي تملأ ما بين بورسعيد والعريش لإيطاليا (جهة من ضمن جهات أخرى) 12 $ للطن ، لتعيد مصر استيراد الطن ذاته بعد بضع عمليات تحويلية تافهة 210$ للطن لصناعة الزجاج في مصر ، وإذا علمت أن الرمال المصرية مكون أساسي في صناعة الكريستال الإيطالي الفاخر ، علمت لماذا أقدمت هونج كونج وسنغافورة على وضع مادة في دستورهما ، تمنع وتحرم بيع مواردها الخام بالكلية . فإن كان البعض في حاجة لهذه الموارد الخام ، يأتون بمصانعهم داخل الدولتين ليجرو داخلها العمليات التحويلية ، ومن ثم يجري التصدير من سنغافورة وهونج كونج . فما بال مصر تفرط في غازها ، وفي ذهبها ، وفي رمالها بهذا السفه ..؟!
ابتاعت السعودية منذ أعوام طائرتان تقومان مقام الأقمار الصناعية في مسح مناطق البلاد على اختلافها (جلية ، رملية ، جيرية ...الخ) لكشف ما بباطن الأرض من موارد طبيعية (بترول ، غاز ، ذهب ، مياه .....الخ) ، وأدى ذلك لظهور أفكار تطويرية في الصناعة كفيلة إن نفذت أن تنقل المملكة في السنوات العشر القادمة من دولة قائمة على البترول إلى دولة رائدة في الصناعات التحويلية . فلم لاتتحصل مصر على طائرتين كهاتين ، بدلا من أن تكون كافة مواردنا ظاهرة لأقمار ناسا وحدها ؟ ولم لاتوضع في كل مقرات حزب النور (بالاستعانة بالهيئة القومية للخرائط والمساحة) بضعة خرائط واحدة للموارد الطبيعية والثانية للتوزيع الديموغرافي والثالثة ......الخ ، حتى يمكن استقاء الرؤى والخطط بمنهج علمي ، لابالجدعنة والفتونة (ملحوظة : هل تعرف أن من أفضل كتب تكوين الرؤى عن النهوض بمصر كتاب شخصية مصر لجمال حمدان ؟ هل قرأه السلفيون في حزب النور .......؟ هه ؟!) . فالجريمة الحقيقية كما قال شارل ديغول ، هي أن تتحدث في التاريخ أو السياسة بغياب الجغرافيا أي الخرائط . ملحوظة : صرح فاروق الباز أن مصر ذاخرة باليورانيوم ، فهل من سامع يسمع ....؟!
بعدما قال فاروق الباز أنه لم يتصل به أحد من الحكام بمصر بعد الثورة لطلب مساعدته قال أن هناك ما يكفي في الوادي الجديد من المياه ما يكفي أقله لزراعة 350 ألف فدان ، فلم لانتواصل معه في هذه المسألة . ولم لانتواصل مع الخبير الإقتصادي المصري الفرنسي دكتور محمود عمارة صاحب المشروع المتكامل لتطوير قناة السويس وتكوين بنك الأفكار المصري ؟ ولم لانتواصل مع صاحب الكتب الإنقلابية في الاقتصاد والتي تماثل انقلابية فكر سيد قطب في روعتها ، وأقصد به دكتور جلال أمين مؤرخ الاقتصاد المصري بالجامعة الأمريكية وصاحب التصنيف العالمي في رؤى الآثار الإجتماعية للتغيرات الاقتصادية (هل قرأت كتابه : تنمية أم تبعية ثقافية وتجارية واقتصادية ؟ طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب ؟ لا؟ لماذا ؟) ، هذا الرجل أقدر شخص في مصر على وضع خطط إعادة توزيع الدخل ، والعدالة الاجتماعية ، يا قوم ...هل من سامع ؟ اللهم .... هل أبلغت ؟!
سياسة تطوير التعليم : اولا تحديد أين تريد أن تكون مصر في السنوات المائة القادمة على الخريطة السياسية . يلي ذلك تحديد ملامح الصورة الاقتصادية التي ستخدم وتدعم هذه القوة . بعد ذلك دعم الصناعات التي ستخلق هذه القوة الاقتصادية ، ثم بعد ذلك وضع تصور التعليم الذي يخدم نضج وتَعملُق هذه الصناعات . فهناك مليار مسار لتطوير التعليم ولكنها مشتتة لاتخدم غرضا واحدا . أما الإدارة الإستراتيجية للدول ، والتي في جوهرها إدارة طويلة الأجل ، فتجمع هذا الشتات في مسار واحد ، كالضوء الذي يتحول لليزر قادر على قطع الصخر رغم ضعف شذراته مفرقة .
في البرنامج الصباحي المعتاد good morning America والذي يُذاع صبيحة كل يوم بالولايات المتحدة ، تم قطع البرنامج فجأة ، ليذيع البرنامج وعلى الهواء من أول مركبة فضاء (وكانت سوفيتية) كلمة الرائد السوفيتي الذي قال بانجليزية ركيكة :
"صباح الخير يا أمريكا ،
أنا الرائد .... من الاتحاد السوفيتي .
أَُصَبِّحكم من المركبة الفضائية السوفيتية
وأنا الآن فوق البيض الأبيض الأمريكي تماما ..... كيف صباحكم ؟"
(راجع سلسلة الحرب الباردة CNN)
ماذا .... ؟
مركبة فضائية سوفيتية .....!،
وفوق البيض الأبيض ...!
ماذا لو فكروا بإسقاط قنبلة نووية ، فقط بفتح أرضية المركبة وحسب .....؟!
لم يطل الأمريكيون التفكير مثلنا ، وخرج كينيدي بعد 4 أيام من هذا البث ليقول على الأمة الأمريكية كلمات قليلة في واحدة من أقصر خطبه :
"هذه الأمة .......
ستهبط على سطح القمر ،
في غضون عقدٍ واحدٍ من الزمان "
وقد كان .
فتم تغيير كافة المناهج العلمية والدراسية في التعليم العام والجامعات ، ليخدم هدفا واحدا فقط ، وهو أبحاث الدفع النفاث . أي الرياضيات والفيزياء ولكن التي تدعم تطوير وتصنيع محركات الدفع النفاث التي ستدفع الصواريخ والمركبات للفضاء الخارجي (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه . هل تذكر هذه الآية ؟ لم لانعلمها لأبنائنا ؟ هل هم من كان مخاطبا بها ؟) وتم تأسيس مختبرات الدفع النفاث بوكالة ناسا لأبحاث الفضاء وعُين عليها الفلكي العظيم كارل ساجان (هل قرأت كتابه الكون ؟ ...... لماذا ؟) . وبعد عشر سنوات ، وكان كينيدي وكروتشيف وهوشي منه وليندون جونسون جميعا في دار الحق ، تحقق حلم كينيدي ووطئت قدم الأمريكين القمر .
إياكم أن تقعوا في فخ تطوير التعليم (ونسيان التعليم الفني الذي هو مقوم الصناعات والتصدير وفرص العمل ) . لايوجد ما يسمى تطوير التعليم ، وإنما مسار معين لتطوير التعليم لتحقيق قوة اقتصادية تضمن الوصول للوضع السياسي . فعلها مهاتير محمد في ماليزيا ، وبعد أن كان لحاء الشجر هو الغذاء الرئيسي ، صدَّرت ماليزيا في 2011 وحدها ، 120 مليار دولار من التقنية الفائقة ، في خطوة أولى تسبق تصنيع معالجات الحاسوب (وسأذكرك) . بالمناسبة ، كان هذا المبلغ من التقنية الفائقة وحدها HYBER TECH .
رجاء وضع تصور استراتيجي شامل لمصر أولا قبل الشروع في الخطوات . ولابد أن يكون برنامج نهضة شامل تستقون له قبول كافة الجهات الوطنية حتى لايأتي بعدنا حاقد يلغي ما قدمنا .... وسيحدث .
تحيتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق