بقلم – مصطفي صقر
يلتقى اليوم د. أشرف الشرقاوي، رئيس هيئة الرقابة المالية وعدد من ممثلى العاملين بالسوق بشعبة الأوراق المالية فى اتحاد الغرف التجارية ورغم تكرار تلك الاجتماعات خلال الأشهر السابقة الا ان لقاء اليوم يكتسب أهمية خاصة تزامناً مع جهود تنشيط الاستثمار التى تبذلها الحكومة والرئاسة والرسائل الإيجابية التى توجه للاستثمار المحلى والأجنبى فى وقت لا يملك فيه أحد ترف استمرار نفس المنهج القديم فى تناول وحل المشكلات التى تواجه السوق أو ذات وتيرة الاستجابة لتطورات الحياة الاقتصادية التى تتطلب أدواراً جديدة لسوق رأس المال لابد ان يدركها الرقيب والعاملون فى السوق فى ذات الوقت بعيداً عن الاستمرار فى مسرحية الأدوار التقليدية التى باتت دون جمهور.
وبداية لابد من الاعتراف لهيئة الرقابة بدور اتسم بالصعوبة عقب قيام الثورة وحتى الآن ويكفى ان يتم اتخاذ قرار إعادة فتح البورصة وسط تلك الأجواء وانسحاب العديد من القيادات وأولهم كل من رئيسى الهيئة والبورصة السابقين من منصبيهما وسيل الدعاوى القضائية التى رفعها كل من هب ودب وفرضت على الرقابة عبئاً اضافياً باعتبارها الجهة الفنية المطلوب منها ابداء رأيها وقبل ذلك كله عمل الهيئة وسط مناخ التشكيك والاتهامات وسهولة توريط أى من العاملين فيها فى قضايا بمجرد ان أحد رموز النظام السابق طرف فى عملية أو اجراء تم فى الهيئة ورغم تحيزى لمجتمع الأعمال فى مآخذه على الهيئة الا ان اغفال تأثير المناخ الذى عملت فيه منذ قيام الثورة يفسر سياسة التحفظ واستخدام النصوص القانونية حرفياً من أجل حماية متخذ القرار دون النظر فى مواءمة القرار للواقع ووجود منافذ قانونية أخرى تحقق دور الهيئة كرقيب ومصالح السوق فى الوقت ذاته.
وكما كان للهيئة دورها وان احبطت البعض فى عدد من قراراتها سواء التى اتخذتها أو تلك التى تأخرت ومازالت فى اصدارها فان شركات الأوراق المالية والمتعاملين بالسوق قاموا بدور بطولى ويكفى ما اطلقه أحد المحللين عليهم بأنهم شهداء الثورة الاحياء.
ولا يوجد قطاع اقتصادى تأثر بشكل مباشر بتداعيات الثورة مثل الأوراق المالية والسياحة ومع ذلك فلم يكن الدعم الحكومى للقطاع بالقدر المأمول وتحملت الشركات أعباء كبيرة للاستمرار على مدار العامين الماضيين بعد فاتورة لم تكن بعيدة من اثار الأزمة المالية وقرارات 5 مايو 2008 وغيرها ومع ذلك ومثلما قامت الهيئة والشركات بأدوار إيجابية فإن «كوارث» أخرى تم ارتكابها ومازالت تحتاج لقرارات وعلاج جذرى وليس مسكنات بأن تشهد الفترة المقبلة إعادة بناء سوق رأس المال.
الاقتصاد المصرى فى حاجة لسوق يسهم فى «تمويل النمو» وهو ما لا يتوافر للبورصة المصرية وبنظرة منصفة لعدد الشركات المقيدة فى البورصة والتى لا تتعدى 240 شركة متضمنة شركات بورصة النيل وحجم التداول اليومى الذى لا يتعدى 600 مليون جنيه فى أحسن حالاته وفقا لمتوسط الأسبوع الماضى وكان فى الشهور الماضية 100 مليون وفى أفضل حالاته كاد يصل لنحو 2 مليار جنيه أى حوالى 300 مليون دولار وهو رقم هزيل مقارنة بالأسواق المحيطة.
وكارثة تركز حجم التداول فى عدد محدود من المتعاملين النشطين الذين لا يتجاوز عددهم الـ50 ألفا وتوقفت البورصة عن نشر عددهم وكأنها تتستر على الفضيحة وتكتفى بنسبة اعداد المكودين الذين يزيد عددهم على مليونى متعامل بالبورصة رغم ان هذا العدد لا يعبر عن حقيقة تواضع دور البورصة المصرية وفشلها لسنوات طويلة فى تكوين قاعدة واسعة من المتعاملين والمستثمرين فى سوق المال ومطالب العاملين التى سيعرضونها اليوم على الشرقاوى خاصة إلغاء الاجراءات الاحترازية وعودة الـT+o والاسراع بالتسوية بنظام T+l وعدم توسع الهيئة فى تحريك الدعاوى الجنائية ضد الشركات بشأن مخالفات يمكن للهيئة الزام الشركات بحلها أو استخدام سلطات الهيئة المخولة لها بالقانون والتى تتدرج بانذار الشركة وغير ذلك من الاجراءات الإدارية تحقيقا للفلسفة التى منح المشرع للهيئة بها دورا وسلطة تحريك الدعوى الجنائية وعدم جواز التحقيق أو رفع الدعوى من أى جهة حتى النيابة العامة بدون موافقة الهيئة وهى حماية السوق ومراعاة حساسية التعامل فى الأوراق المالية وهو ما يطلبه العاملون بالسوق الذين يفاجأ العديد منهم بتحويلهم للنيابة دون علمهم أو اخطارهم من هيئة الرقابة.
وأياً كانت المطالب الأخرى أو المشكلات التى سيتناولها اللقاء فسوق الأوراق المالية يحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة بدءاً من الهيئة والبورصة والمقاصة والشركات وانتهاءً بالمستثمرين ذاتهم وبدون رؤية متكاملة وواضحة لدور جديد للسوق يختلف عن هدف ارضاء الوزير للاستمرار فى المنصب من جهة المسئولية أو مجرد تحقيق عمولات بأى وسيلة من جانب الشركات وقطيع المستثمرين الذين يشترون ويبيعون وكأنها وظيفة أو مهنة وليس استثماراً فلن يحدث جديد حتى اذا تحققت زيادة فى حجم التعاملات وارتفع المؤشر واستشهد به الرئيس مرسى باعتباره إنجازاً اقتصادياً واستمرار أطراف السوق فى التعامل بنفس المنهج القديم بدون «ثورة» حقيقية فى منظومة السوق فما نريده من بورصة قادرة على تمويل النمو سيظل وهماً لن يتحقق.
لدينا شبه سوق وشبه قانون وشبه هيئة وشبه بورصة وشبه مقاصة وشبه مستثمرين وشبه إعلام مالى واقتصادى لأننا بدأنا طريقا بدون رؤية وارتكبنا حماقات واضعنا فرصا كانت كفيلة بتحول مصر لمركز مالى اقليمى حقيقى بعيداً عن الشعارات والتصريحات وسياسات ارضاء المسئولين والمجاملة فى المناصب لأصحاب الحظوة والنفوذ والأصدقاء.
وبدون هيئة رقابة مالية مستقلة شكلا ومضمونا ذات صلاحيات تضاهى صلاحيات البنك المركزى بالنسبة للجهاز المصرفى والسياسات النقدية سيدور الجميع فى حلقة مفرغة وبداية هذا الاستقلال هى تعيين رئيسها من قبل رئيس الجمهورية وان يتمتع بصلاحيات عدم العزل وان يكون على درجة لا تقل عن أى وزير فى الحكومة وأن يحرص أسامة صالح وزير الاستثمار الحالى على عدم تكرار تجربة سلفه محمود محيى الدين الذى تدخل فى أعمال الهيئة وأفقدها استقلاليتها خلافاً لما ينص عليه القانون.
وقوة الرقيب هى البداية الصحيحة على ان يتبع ذلك فصلا بين الدور الرقابى للهيئة والدور الإدارى بشكل واضح حتى لا يصبح الدور الرقابى معوقاً للاستثمار فعلى سبيل المثال اعتماد محضر جمعية عمومية أو الحصول على موافقة الهيئة لترخيص معين يستغرق وقتا غير مبرر، كما ان تطبيق آلية أو أداة جديدة بالسوق دائماً ما يمر بمخاض متعثر ينتهى دائماً داخل أروقة الهيئة التى تتعامل مع جميع الملفات بصفتها الرقيب تفعل ما تريد وقتما تشاء بينما هى جهة إدارية وتنظيمية فى العديد من الملفات ولا يجب ان تتحول إلى جهة بيروقراطية ترفض التطوير والتحديث.
ومن المفارقات ان الهيئة أعلنت منذ أيام عن حاجتها لشغل وظائف ضمت غالبية الوظائف القيادية فى الهيئة وهو ما يكشف حاجة الهيئة لتطوير مؤسسى حقيقى بداية من القانون الذى يحكمها باعتبارها هيئة عامة تطبق الدرجات الحكومية فى وظائف تحتاج لخبرات مالية وقانونية لا تتوافر بسهولة وهو ما خلق الحاجة لاسناد الهيئة لطابور من المستشارين والمشرفين على القطاعات من خارج الهيئة بعقود ممولة من المعونة وبعد مغادرتهم خلقوا فراغاً ولم يقم أى من رؤساء الهيئة السابقين بالتفكير فى آلية جديدة لمنع تكراره فالهيئة التى تراقب أسواق التمويل العقارى وسوق المال والتأمين وغيرها تحتاج الآن لما يقرب من 100 شخص فى مناصب أغلبها قيادية وهو ما يكشف عدم صحة أو سلامة المنهج المتبع فى قيادة الهيئة منذ سنوات طويلة.
واذا أردنا هيئة قادرة على ان تقدم جديداً للسوق فإن مجلس الإدارة الحالى ما هو الا تعبير حرفى عن زمن انقضى وأفكار استهلكت ورغم احترامى بل اعتزازى بأشخاصهم وعلاقتى على المستوى المهنى والشخصى بالعديد منهم فقد آن وقت التغيير ليضم مجلس الإدارة شبابا أكثر رغبة فى تطوير السوق وكفاءات لها علاقة مباشرة بالأسواق العالمية ومتطلباتها فمن غير المنطقى ان يصلح ذات الأشخاص لكل الأزمنة ولعب الأدوار نفسها ورغم ان رئيس الهيئة الحالى د. أشرف الشرقاوى يستفيد من الخبرة المتاحة للشخصيات الحالية بمجلس الإدارة الا انه وبصراحة يقع أسير تجربة الماضى والتحوط لدرجة تقتل الابداع فى سوق يتطلع إليه الجميع للقيام بدور رئيسى لتمويل النمو.
ولا يجب ان تحتكر الهيئة صناعة القرارات المؤثرة بالسوق فعلى سبيل المثال فوجئت الشركات بقرار منع التعامل على الأوراق المالية الأجنبية ثم تراجعت الهيئة وقالت انها تدرس ضوابط لتلك التعاملات وهو ما لم يكن يحدث اذا تشاورت الهيئة مع أطراف المشكلة أو أجرت دراسة لها وليس مجرد اتخاذ قرار يفقد شركات السمسرة المصرية الكبرى تنافسيتها لصالح الشركات بأسواق المنطقة وكذلك مطالب العاملين ورؤساء الشركات بإزالة الإجراءات الاحترازية تعاملت معه الهيئة باحتكارية ولم تعد الـT+0 حتى الآن وكذلك لم تعلن لماذا هى لا تستجيب لمطالب السوق.
وأحد أدوار الهيئة الرئيسية هو ان تلزم أطراف السوق الأخرى بالقيام بدورها ومحاسبة المقصرين فالبورصة والمقاصة والجمعية المصرية للأوراق المالية لا أحد يعرف أين تبدأ صلاحياتها وأين تنتهى لأن كل شىء ينتهى فى يد الهيئة فالمقاصة تؤكد دوماً على انها جاهزة لتطبيق الشورت سيلنج وEtfs والـT+0 وT+l وان القرار فى يد الهيئة ومن ناحية أخرى وبطريقة غير رسمية تصدر ايحاءات بأن المقاصة غير جاهزة وان الهيئة لديها متطلبات مازالت لم تستوف بشكل كامل ولا أحد يخرج علينا معلنا أين المشكلة بوضوح وكيف يجرى العمل على حلها ومتى نراها أو ان المقترح والمشروع الذى تتم المناقشة بشأنه تم ارجاؤه أو إلغاؤه لتظل كل الملفات مفتوحة ولا يتحرك سوى ما تراه الهيئة وكأن صناعة الأوراق المالية ليست منظومة بها أطراف عديدة.
وليست الهيئة هى سلة مشكلات السوق فالبورصة تحتاج إلى قرارات ناسفة لتنظيمها المالى والإدارى تبدأ بتغيير رئيسها د. محمد عمران الذى احترمه على المستوى الشخصى واتعجب من استمراره رئيساً بعد ان أعلن استقالته عدة مرات وهو ما يعنى ان الرجل لا يريد المنصب وهناك كفاءات عديدة لخلافته فهو شخص لا يريد العمل كرئيس البورصة فلماذا تتمسك به الحكومة ولماذا لا يرأس البورصة شخص لديه الرغبة فى بناء تجربة تنقل البورصة المصرية من عداد الأسواق الفقيرة فى عدد المستثمرين والأدوات والشركات المقيدة إلى بورصة اقليمية قوية.
وان شئتم الصراحة فمنصب نائب رئيس البورصة فى حاجة إلى تغيير أيضاً فدماثة خلق القاضى خالد النشار لا تكفى لأن يصبح رئيساً للبورصة فى المستقبل فالسوق فى حاجة إلى شخصية اقتصادية ومالية وهذا هو نص القرار الجمهورى لتنظيمه الشئون المالية والإدارية للبورصة ولم يقل شخصية قانونية مع احترامنا للقانونيين ولكننا احترفنا اضاعة الفرص وعدم تمكين أصحاب الخبرات بل واساءة استخدامهم فى أوقات كثيرة مما أضر بالجميع.
البورصة المصرية بعد سنوات من نشاطها لا تمتلك إدارة بحوث تؤهلها للتطوير والتحديث وخلق الافكار التى تسهم فى أدوار جديدة للبورصة لتكون جزءاً من المجتمع يشعر بها فى أنها إحدى أدواته فى حل مشاكله والمساهمة فى نموه الاقتصادى وذلك لأن أشخاصاً تولوا مسئولية البحوث لسنوات طويلة ولم يتم تغييرهم دون سبب واضح رغم عدم إنجازهم ما يبرر بقاءهم فى مناصبهم رغم تقاضيهم مرتبات تضاهى أفضل بنوك الاستثمار العاملة فى السوق.
إن استمرار البورصة المصرية بأوضاعها الحالية يفرض أن تفتح الهيئة الباب أمام بورصة أخرى قطاع خاص تقيد فيها الشركات الجديدة التى يتم تأسيسها عن طريق الاكتتاب العام وهو ما يتيحه القانون وغيرها من الأوراق المالية والأدوات الجديدة التى يمكن أن يقدمها القطاع الخاص بعيداً عن طريقة «عملنا الدراسة وبعتناها الهيئة» والقرار تم إصداره وفى انتظار الهيئة وفى النهاية الهيئة تحتاج إلى شهور لأنها تحتاج إلى دراسات تفتقر إليها القرارات والمشروعات المرسلة إليها.
ولابد أن تعود المقاصة لأداء دورها الرئيسى وفقاً لقانون الإيداع والقيد المركزى وأن يتفرغ رئيسها لأدواره فمن العبث أن يرشح الأستاذ محمد عبدالسلام نفسه لرئاسة اتحاد الكرة فى الوقت الذى نتحدث فيه عن دور لسوق الأوراق المالية فى جذب الاستثمارات وإذا كان مساهمو مصر للمقاصة من الشركات لديهم اهتمامات كروية أهم من الـ «T+1» وغيره من الآليات والأدوات التى تعد المقاصة لاعبا رئيسيا فيها فلينتخبوا رئيساً لشركة مصر للمقاصة سبورت أو يخيروا الأستاذ محمد عبدالسلام بين رئاسة المقاصة وأى شىء آخر ويجب أن يكون للهيئة دور فى ذلك، إننا أمام مرحلة يجب أن يدرك الجميع مسئولياته فيها وقد لعبت مصر للمقاصة دوراً تاريخياً فى تطوير زمن التسوية وآلياته بالسوق وقبلها قام رئيسها محمد عبدالسلام بدور رئيسى من خلال عمله بالهيئة واصراره على تحويل البورصة المصرية من السبورة والطباشير إلى مرحلة التداول الآلى ولا أحد ينكر أن المقاصة تعد أكثر مراسلات السوق تطوراً وعلى المستوى الشخصى أكن لإدارتها تقديرا تراكم عبر السنوات وأكدت العديد من المواقف أنهم أهل لها وعلى رأسهم الأستاذ محمد عبدالسلام وهذا كله لا يمنع المصارحة وقد قمت بها فى أوقات سابقة عديدة وبطرق مختلفة ولا يمنح ما حققته المقاصة إدارتها صكا لتفعيل ما تريد وإن أجاز لها القانون فهناك منطق لابد من احترامه فشئون الكرة المصرية وإدارة ناد ورياضى تتعارضان مع عمل المقاصة بل وأثر بالفعل سلبيا عليه بطرق شتى ماليا وقتيا ويكفى أن رئيس إحدى شركات السمسرة تساءل داخل مقر الشركة بالتجمع الخامس بعد عرض محتويات المبنى من خلال إحدى الجمعيات العمومية قائلاً «وأين الشركة؟» لأنه بالفعل قد انتهى بمشروع المقر الإدارى للشركة الذى تكلف ما يفوق الـ 180 مليون جنيه لكن الشركة لا تستفيد منه سوى بالخزينة المركزية للأوراق المالية بالبدروم ومكتب لاجتماعات مجلس الإدارة فيما تحول باقى المبنى لجيم وكافتيريا وفندق وكلها من أموال المتعاملين فى الأوراق المالية فإذا كانت هذه أهداف المقاصة فمن الأجدى أن يقوم وزير الاستثمار بخفض تكلفة العمليات التى تتقاضاها الشركة عن العمليات بالبورصة باعتبار أن الشركة لديها إيرادات تؤهلها للقيام بدورها بعيداً عن الاستثمار العقارى والرياضى.
وبعيداً عن شكاوى شركات السمسرة من تعنت الهيئة والأعباء فالوقت قد حان لمراجعة أوضاع الشركات وتصنيفها فرغم ضآلة الاستثمارات المطلوبة لدخول الصناعة وتحقيق غالبية الشركات لعوائد ضخمة وقت صعود السوق فإن غالبيتها لم تستثمر فى تطوير أوضاعها وتطويرها وتطلب الأمر دائماً قرارات إجبارية من الهيئة ولعل ما قام به د. هانى سرى الدين خير مثال على ذلك، ورغم زيادة عدد الشركات لما يقرب إلى 143 شركة سمسرة تعمل من إجمالى 160 شركة حاصلة على الترخيص فإن عدد الشركات التى لديها إدارة بحوث لا تزيد على أصابع اليدين وإذا أردت الدقة لا تملك 5 منهما إدارات مكتملة وتضم كفادات مهنية ولا ترغب الشركات أن تستثمر فى تدريب العاملين لديها سوى لاستيفاء الشكل القانونى أو تطوير بنيتها التحتية ثم تشكو من نقص الإيرادات وزيادة التكلفة وكأنها وحدات إيراد دون تكلفة ناهيك عن التلاعبات وقصر النظر فى توريط المتعاملين فى التمويل غير المنطقى وتكبيدهم خسائر فادحة اعتماداً على استغلال الطمع والجهل ولكن الفاتورة فى النهاية يدفعها الجميع بمن فيهم شركات السمسرة التى بات العثور فيها على عميل حدثا سعيدا.
شركات السمسرة الصغيرة فى حاجة لزيادة رؤوس أموالها إجبارياً وأن تحصل على مهلة بعدها يكون خيار الدمج الزاميا أو الخروج من السوق ولابد من اشتراطات لأقسام البحوث كأحد شروط الترخيص لتلك الشركات وأن يكون التمويل خارج نظام المارجن جريمة يعاقب عليها القانون لما يترتب عليه من إفساد منظومة التعامل بالسوق.
ومن حق المتعاملين فى السوق أن تنشر لهم بيانات كافية على موقع هيئة الرقابة المالية عن كل شركة مرخص لها بالتعامل سواء بياناتها المالية أو التراخيص الممنوحة لها والمديرين بها والفروع المرخصة والجزاءات والتدابير التى تعرضت لها حتى تكون تلك البيانات وسيلة لتقييم الشركة من جانب المستثمر قبل فتح حساب بها.
ورغم عودة النشاط لسوق رأس المال منذ بداية التسعينات ووجود تنظيمات للعاملين بالسوق خاصة الجمعية المصرية للأوراق الماليةECMA وشعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية والجمعية المصرية للاستثمار EIMA فإن تلك الجمعيات مازالت قائمة على الأفراد وينقصها المؤسسية وفى الغالب تعامل تلك المؤسسات كرد فعل للأحداث والقرارات وفى حالة المبادرات فإنها لا تقدم سوى أفكار دون دراسة أو تحليل لواقع السوق واحتياجاته وإن حدث ذلك فهو استثناء وليس قاعدة العمل فى هذه المؤسسات التى تحتاج أيضاً لدماء جديدة وقواعد تنظمها بخلاف طريقة جمعيات الشئون الاجتماعية وطرح منذ فترة طويلة مشروع اتحاد العاملين بالسوق كجهة ذاتية التنظيم وتحصل على صلاحيات على أعضائها وتمارس دوراً فى تطوير الصناعة إلا أنه لم يجد من تنظيمات السوق جهدا يدفع به إلى النور.
وأعلم أن د. محمد تيمور، رئيس الجمعية منذ تأسيسها أعلن من قبل عدم ترشحه لرئاسة الجمعية وأن عددا من الأعضاء طلب منه الاستمرار لعلاقاته بمراكز صنع القرار إلا أن التغيير أيضاً فى هذه المؤسسة بات من الضروريات ولا يقلل ذلك من شأن د. تيمور الذى يحظى باحترام كل العاملين فى الصناعة ولكن الجميع يدفعون ثمن عدم التغيير الذى نسيناه مع صعوبة تحققه لسنوات طويلة بل لعقود مضت.
أما الشعبة العامة للأوراق المالية فإنها تحتاج إلى تغيير أعمق من مجرد تغيير رئيسها الأستاذ د. عونى عبدالعزيز الملقب بعمدة السوق والذى يحظى بشعبية جارفة وسط شركات السمسرة إلا أن أهداف الشعبة وطريقة أداء عملها يحتاجان إلى إعادة صياغة كاملة حتى لا تصبح مجرد كيان ورقى وإذا غادرنا السمسرة إلى الجمعية المصرية للاستثمار فإن نشاط التدريب الذى تحول لمصدر دخل جيد للجمعية وتقييم أداء الصناديق هى أدوار صغيرة لجمعية تمثل صناعة إدارة صناديق الاستثمار ويكفى أن تدرس الجمعية أحجام صناديق الاستثمار العاملة فى السوق وعدد المستثمرين فى كل صندوق لتكتشف أن الصناعة انهارت ولولا الصناديق النقدية لما عاشت شركات الإدارة وهو ما يعكس أن صناعة صناديق الاستثمار لم تحظ بالقدر الكافى من التطوير والترويج وتقديم ما يقنع المستثمرين للاستثمرار والتوسع فيها وتحتاج الجمعية إلى دماء جديدة وقيادة خلفا لياسر الملوانى رئيسها الحالى الذى شهدت فى عهده الجمعية تخرج كوادر مميزة فى إدارة الاستثمار إلا أن هموم الصناعة تتطلب المزيد من الوقت والاهتمام وهو ما يتوافر لكوادر شابة عديدة بالسوق.
ولا أبرئ نفسى ومؤسسات الإعلام من غياب أدوار رئيسية لعلها توفير كوادر محترفة لتغطية أسواق المال والتحليل المالى والفنى للمستثمرين بحيادية عما تنشره الشركات وهى مسئولية تقع على عاتق عدة جهات تبدأ بالمؤسسات الصحفية والإعلامية ذاتها التى لا تخصص ميزانيات للتدريب وإعداد المحررين وتطويرهم ونقابة الصحفيين التى لا تتخذ دوراً واضحاً تجاه الصحفيين المخالفين للقواعد المهنية وميثاق الشرف الصحفى ممن يخلطون العمل التحريرى بالإعلانى أو يعملون مستشارين لجهات أو شركات أو ينشرون أخباراً بغرض التربح من تعاملاتهم فى الأسواق المالية.
ويبقى المستثمر فى النهاية هو الضحية فقد وجد نفسه فى سوق يعج بالمصالح المتعارضة ولا يجد من يحقق له الحد الأدنى من الثقافة المالية فى ظل انصراف مؤسسات السوق القادرة على ذلك ماليا وفنيا وأيضاً ضحية طمعه وعدم بحثه عن الحد الأدنى للمعلومات التى تحميه من التلاعبات وبدون سوق بقواعد جديدة سنظل شبه سوق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق