
محيي الدين قدم للفاسدين خدمة العمر فأعادوا تنظيم صفوفهم وانتشروا وتوغلوا
بقرار واحد ضاع 40 مليون جنيه من المال العام.. و5. 1 مليون جنيه سنوياً لاستئجار منفي للمغضوب عليهم
راقصة لبنانية وخمور من فلوس المصريين للترفيه عن المشاركين في مؤتمر البورصات العالمية
عشرة قطاعات من بين 11 قطاعاً بدون رئيس وشركة خاصة تختار مدير الشئون الإدارية بالبورصة!
محمود محيي الدين
ثلاثة أسابيع فقط وتحل الذكري السابعة لاستجواب البورصة الشهير الذي قدمه النائب كمال أحمد وناقشه مجلس الشعب يوم 23 مايو 2001.. ووقتها هز الاستجواب مصر كلها بعدما كشف أن الفساد في البورصة فاق الخيال، ما بين موظفين صغار يحصلون علي رواتب شهرية بعشرات الآلاف من الجنيهات، وسيارات تم شراؤها لزوم منظرة رئيس البورصة، وبناء دور واحد أعلي مبني البورصة بمبلغ خرافي وصل إلي 18 مليون جنيه،
إضافة إلي بدلات سفر يحصل عليها المحظوظون مقابل انتقالهم من مكتبهم المكيف إلي المكتب المكيف المجاور لمكتبهم!.. بخلاف إنشاء شركات وهمية للتلاعب في البورصة، مما أدي إلي ضياع أموال صغار المستثمرين.
كل وقائع الفساد تلك وغيرها كشفها استجواب كمال أحمد، وعلي أثره أحيل كبار مسئولي البورصة وقتها لنيابة الأموال العامة التي ألزمتهم برد الأموال التي تم صرفها بدون وجه حق.
وتصور الكثيرون أن هذه الإجراءات قضت علي الفساد داخل البورصة، ولكن ما حدث كان العكس تماماً، فالفساد حالياً أكبر وأخطر مما كان عليه في عام الاستجواب أي قبل 7 سنوات.
صحيح أن مياهاً كثيراً جرت وأحداثاً عديدة وقعت وتغييرات شاملة شهدتها البورصة، ولكن بقي الفساد وتفرعن المفسدون.. تغير رئيس البورصة سامح الترجمان وخلفه محمد عبدالسلام لمدة 10 شهور كاملة، ثم خلفه ماجد شوقي، ورغم ذلك بقي الفساد علي حاله.. انتقلت تبعية البورصة من الوزير يوسف بطرس غالي إلي الوزير محمود محيي الدين وأيضاً بقي الفساد وانتشر وتوغل.
والمفاجأة أن الذي حمي الفساد في البورصة ودعمه ومنحه فرصة عظيمة لكي يتواصل وينتشر ويتوغل، الذي فعل كل ذلك، هو الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار!.. الوزير قدم للمفسدين خدمة عمرهم بأن أعطاهم فرصة ليعيدوا تنظيم صفوفهم ويحموا أنفسهم من أي مكروه وسوء، وذلك عندما أبلغ سامح الترجمان يوم 8/8/2004 بأنه سيترك رئاسة البورصة يوم 11/8/2004 وخلال الـ 72 ساعة هذه أصدر الترجمان قرارات بترقية كل من تدور حولهم شبهات فساد، وذلك في محاولة منه أن يمنحهم قوة وحماية من أي بطش ويمنحهم أيضاً السلطة التي تمكنهم من إخفاء أي مستند يدينهم، وحتي يخفي الترجمان هذه الحيلة رقي أيضاً عدداً من الشرفاء مستحقي الترقية حتي يتوه الصالح في الطالح كما يقولون!
الوزير محيي الدين اتخذ ـ أيضاً ـ قراراً غير مسبوق وأصر علي اختيار رئيس غير متفرع للبورصة وهو محمد عبدالسلام رئيس مجلس إدارة شركة مصر للمقاصة، فصار عبدالسلام رئيساً للبورصة. وفي نفس الوقت رئيس مجلس إدارة وعضواً منتدباً بشركة مصر للمقاصة، رغم أنه في الأساس موظف بهيئة سوق المال وحاصل علي إجازة بدون مرتب لرئاسة الشركة
تولي »عبدالسلام« رئاسة البورصة لـ 10 شهور كاملة أصدر خلالها عدداً من القرارات كانت مثار دهشة وجدل من كل العاملين والمتعاملين مع البورصة، وأخطر هذه القرارات علي الإطلاق هو قراره بتخفيض الحصة المملوكة للبورصة في أسهم شركة مصر للمقامة إلي 5% فقط بدلاً من 35% من بيع هذه الأسهم بقيمتها الدفترية أي بأسعار عام 1994 رغم أن البيع تم عام ،2005 وحسب مصادر بالبورصة فإن عملية البيع تلك أهدرت حوالي 40 مليون جنيه من أموال البورصة التي هي في الأساس مال عام.
ومن سخرية القدر أن قرار بيع أسهم البورصة في مصر للمقاصة أصدره محمد عبدالسلام بصفته رئيساً للبورصة ثم أرسله إلي رئيس شركة مصر للمقاصة للتنفيذ، وفي الشركة استلم محمد عبدالسلام نفسه ذات القرار بصفته رئيساً للشركة وشرع في تنفيذه.. يعني »عبدالسلام« قام بدورين.. فهو الذي أصدر القرار وهو الذي نفذه.. وطبعاً فاز بالصفقة عدد من الشركات الخاصة.
وكان عضو مجلس الإدارة الوحيد الذي اعترض علي هذا القرار هو ماجد شوقي ـ نائب رئيس البورصة ـ وقتها، ولكن معارضته تلك لم تغير من الأمر شيئاً، وصدر القرار وتم تنفيذه.
ولكن الغريب أن ماجد شوقي عندما تولي رئاسة البورصة بعد شهور قليلة من صدور القرار إياه، رفض تماماً إجراء تحقيق داخلي حول القرار، مما أثار دهشة الكثيرين ودفع اللجنة النقابية للعاملين بالبورصة إلي اللجوء للقضاء مطالبة بإلغاء قرار بيع الـ 30% من أسهم البورصة بمصر للمقاصة ومازالت الدعوي منظورة حتي الآن وتمت إحالتها مؤخراً للمحكمة الدستورية للفصل في عدم دستورية القوانين التي استند عليها »عبدالسلام« في قرار البيع.
ورغم أن البعض استبشر خيراً بتولي ماجد شوقي رئاسة البورصة ولكن كشفت الأيام أن عهد شوقي مثل عهد عبدالسلام وعهد الترجمان.. شوقي بدأ عهده بإهدار 178 ألف جنيه حصلت عليها إحدي الشركات الخاصة نظير وضع هيكل جديد للعاملين بالبورصة، وكان الترجمان قد وضع هيكلاً للعاملين في عام 2002 ولكن يبدو أن هذا الهيكل لم يرق لـ »شوقي« فاستعان بشركة خاصة لوضع هيكل بديل، فما كان من الشركة إلا أن استحدثت مسميين وظيفيين جديدين وهما رئيس قطاع ونائب رئيس قطاع وألغت منصب مدير قسم وحصلت في مقابل ذلك علي 178 ألف جنيه.
ويقال إن استحداث المسميين الجديدين جاء مصادفاً لهوي »شوقي«، حيث منحه الحق في تعيين من يشاء، وبالفعل عين 7 محظوظين من أبناء السفراء والكبراء في تلك المناصب مقابل رواتب شهرية تتراوح ما بين 20 ألفاً و30 ألف جنيه شهرياً، أما إلغاء منصب مدير قسم، فتم من أجل عيون صهر شقيق مسئول كبير بالحزب الوطني. وهذا الصهر يتولي رئاسة أحد الأقسام بالبورصة وطبقاً للهيكل القديم فإنه حينما يترقي سيتولي منصب مدير قسم، ولكن مع إلغاء هذا المسمي الوظيفي فإن الصهر سيترقي من رئيس قسم إلي نائب مدير إدارة مباشرة!
وتسبب الهيكل الوظيفي الذي أقره ماجد شوقي في وجود مناصب قيادية عديدة شاغرة ووصل الأمر لدرجة أن كل قطاعات البورصة البالغ عددها 11 قطاعاً بلا رئيس ماعدا قطاع واحد وهو قطاع الشئون القانونية.. فمثلاً الإدارة المالية بلا رئيس قطاع ولا نائب رئيس قطاع وإدارة المشتريات ليس لها مدير ولا نائب مدير ولا مدير عام وقطاع الموارد البشرية كله ليس به رئيس قطاع ولا نائب رئيس ولا حتي مدير عام، بل إن إدارة التخطيط ليس بها موظفون علي الإطلاق، وإدارة العقود ليس بها مدير إدارة ولا مدير عام. وإدارة الشكاوي والتحقيقات ليس لها مدير إدارة ولا مدير عام. ونفس الحال في إدارة التسويق، أما إدارة التخطيط الاستراتيجي فليس لها مدير إدارة ولا نائب مدير إدارة، بل إن إدارة الشئون الإدارية ليس لها مدير منذ 6 شهور. وأخيراً تم الإعلان عن فتح باب الترشيح لتولي منصب مدير هذه الإدارة، ورغم أن شروط تولي هذا المنصب تنطبق علي أكثر من 10 من كبار الموظفين بالبورصة، إلا أن 4 منهم فقط تقدموا لتولي المنصب.. بينما أحجم 6 آخرون لأنهم رأوا أن المنصب مرسوم ومفصل علي حنان وليم مدير إدارة الموارد البشرية ببورصة الإسكندرية ولهذا أحجموا عن الترشح للمنصب.
أما المرشحون الأربعة لتولي المنصب منهم حنان وليم وهي حاصلة علي ثانوية عامة، ثم حصلت بعد تعيينها في البورصة علي بكالوريوس تجارة من الجامعة المفتوحة، وقبل شهرين فقط تمت ترقيتها إلي مدير إدارة الموارد البشرية ببورصة الإسكندرية.
وإلي جانب »حنان« ترشح للمنصب ناصر صلاح مدير إدارة الرحلات وكان يتولي مدير إدارة الحسابات، ولكن تم نقله فجأة ولأسباب غير معلنة إلي إدارة الرحلات.. وترشح للمنصب أيضاً علي الحفناوي مدير إدارة الأمن ولا ندري ما علاقة الأمن بالشئون الإدارية، اللهم إلا إذا كان رئيس البورصة يريد أن يسير الشئون الإدارية بقبضة من حديد.. أما المرشح الرابع فهو كمال البيلي مدير إدارة IT الذي يحصل علي راتب يفوق راتب مدير الشئون الإدارية، حيث يحصل علي ما يعادل 40% من راتبه كبدل ندرة وبالتالي فإن حرصه علي تولي مدير إدارة الشئون الإدارية وترك إدارة IT يبدو غريباً!
والعجيب أن اللجنة التي ستفاضل وتختار بين المرشحين الأربعة تضم عضوين من خارج البورصة، وهما علي وجه التحديد مندوب من الشركة الخاصة التي وضعت الهيكل الوظيفي للبورصة، إضافة إلي المستشار خالد فتحي نجيب، بينما يضم باقي اللجنة د. محمد عمران وعميد متقاعد محمد عصام عبداللطيف نائب رئيس البورصة وحاتم الشافعي مساعد رئيس البورصة.
ويراهن موظفو البورصة علي أن اللجنة ستختار »حنان وليم« لتولي مدير إدارة الشئون الإدارية ويتندرون قائلين إن قيادات البورصة تفضل »حنان« لأنها إذا تولت المنصب فستكون مشغولة طول الوقت بالسفر من القاهرة إلي أسرتها بالإسكندرية وبالتالي ستفتح لهم المجال ليفعلوا ما يحلو لهم!
وتعكس هذه الرؤية أن منصب مدير الشئون الإدارية بالبورصة دائماً ما يحيطه الغموض وتدور حوله الشبهات وهذه حقيقة تؤكدها ما شهدته البورصة مؤخراً، حيث تم استبعاد مدير إدارة الشئون الإدارية رزق وهبة ونقله إلي إدارة رعاية العاملين.. النقل تم بدون إبداء أسباب وأيضاً دون أدني اعتراض من »وهبة« الذي نفذ القرار دون أن يعقب وكأن شيئاً لم يكن!
حالة الفوضي الإدارية في البورصة لم تقف عند حد وجود مناصب قيادية شاغرة أو النقل المريب للعاملين، بل امتد أيضاً للأعمال التي يقوم بها موظفو البورصة.. علي سبيل المثال إدارة طويلة عريضة مثل إدارة الشئون الإدارية.
أبرز ما قامت به من أعمال، طبقاً للأوراق الرسمية بالبورصة، هو متابعة تنفيذ برنامج مكافحة الحشرات والقوارض.. تخيلوا.. وليس هذا فقط فالإنجازات متواصلة وتشمل إصلاح ثلاجة وصيانة مولد الكهرباء وتوريد وتركيب ماكينة باب خاصة بمكتب رئيس البورصة.. يا سلام شوفوا الإنجازات.. ومش كده وبس.. الإدارة قامت أيضاً بتركيب بلورة زجاج مكتب بإدارة الشئون الإدارية وأخري بالتسويق والإعلام وثالثة بقيد الشركات وعملت أيضاً صيانة شاملة لجميع أبواب الإدارات الداخلية والخارجية ووزعت حلوي المولد علي العاملين.
تكلفة هذه الأعمال الخارقة وصلت إلي 488 ألفاً و118 جنيهاً منها 3740 جنيهاً قيمة أعمال رش وإبادة الحشرات و19 ألفاً و250 جنيهاً قيمة التعاقد مع شركة نظافة لتنظيف البورصة (مع ملاحظة أن البورصة فيها 20 ساعياً معيناً لتنظيف البورصة)، إضافة إلي 5 آلاف و390 جنيهاً للزراعات الموجودة في حرم عقار البورصة و2329 جنيهاً تكاليف صيانة تكييف و62 ألفاً و403 جنيهات حلوي المولد النبوي للموظفين رغم أن عدد العاملين في بورصة القاهرة حوالي 250 موظفاً وعاملاً يعني كل واحد منهم أخذ حلاوة بمبلغ 200 جنيه.
حرق المال العام في البورصة لم يقف عند حد، فمؤخراً قرر رئيس البورصة تأجير مكتب مساحته 800 متر بالقرية الذكية بمبلغ مليون و440 ألف جنيه سنوياً لنقل 100 من موظفي البورصة.. والموظفون المنقولون جميعاً مغضوب عليهم من رئيس البورصة يعني باختصار البورصة ستدفع هذا المبلغ لاستئجار منفي للمغضوب عليهم ليكونوا بعيدين عن البورصة وعن رئيسها ماجد شوقي.
وقبل أسابيع نظمت البورصة مؤتمراً دولياً استضافت فيه ممثلين عن عدد من بورصات العالم.. ولم يفت مسئولو بورصة مصر أن يستغلوا هذا الحدث لكي يهدروا ما يستطيعون من المال العام.. وبالفعل أنفقوا 35 ألف جنيه في هذا المؤتمر مقابل تأجير زرع لمدة ساعتين، كما أنفقوا مئات الآلاف من الجنيهات أجراً لراقصة لبنانية ولشراء خمور لتقديمها للمشاركين في المؤتمر لزوم الترفيه عنهم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق