جمال سلطان
أجدني مضطرا إلى العودة مرة أخرى للحديث عن "موائد الرحمن" في رمضان والحملة الرسمية الحكومية المتسترة ضدها بتوجيهات عليا غير رسمية ، لا أفهم ما هو الجديد في ظاهرة "موائد الرحمن" هذا العام ، ولماذا يتضايق بعض أهل السلطة والسلطان من انتشارها في كل مكان في مصر ، ما الذي يزعجهم في هذه الظاهرة الإنسانية ، إنهم يتحدثون عن أن هذه الخدمة لا تصل إلى مستحقيها ، وكأنها فرع من الدعم الحكومي لرغيف العيش مثلا ، أو أن المائدة التي يتطوع بها بعض المواطنين طوال الشهر أو يساهمون فيها هي جزء من أعمال وزارة التموين ، ما دخلكم أيها السادة بهذا النشاط الأهلي الخيري البحت ، لماذا تتحرشون بها وبتدين الخلق ، ما معنى أن يتم توجيه وزارة الشؤون الاجتماعية للضغط على آلاف الجمعيات الأهلية من أجل الابتعاد عن إنشاء موائد الرحمن ، واستبدالها بطرق أخرى كالحقائب الرمضانية مثلا للأسر المحتاجة ، رغم أن هذا النشاط أيضا يسري بقوة كل عام بالتوازي مع موائد الرحمن ، لماذا تضغط وزارة الشؤون الاجتماعية من أجل محاصرة موائد الرحمن ، وهل هذا الضغط مجرد قناعة خاصة مباغتة من معالي الوزيرة أم أنها توجيهات من جهة ما وهي تحاول تنفيذها بطريقتها الخاصة ، لماذا يتحرش بعض المحافظين ـ ليس محافظ الاسكندرية وحده ـ بموائد الرحمن ويصادرونها أو يحاولون تحجيم انتشارها ، وبعد أن نشرت في هذه الزاوية انتقادي الحاد لسلوك محافظ الاسكندرية أعلن للصحف أنه لم يلغها وإنما منعها في الإدارات التابعة للمحافظة من أجل تحويلها إلى نشاط خيري آخر ، ولم يذكر أن هذا النشاط الخيري هو نشاط السيدة حرم الرئيس ، حيث يصادر تدين الناس العفوي من أجل مجاملتها ، وما معنى أن تعلن وزارة التموين حربا ضروسا على موائد الرحمن وتنشر تهديدات عنيفة في الصفحات الأولى من الصحف القومية بأنها سوف تداهم موائد الرحمن وتقوم بالتفتيش المباشر عليها وأي مخالفة فيها سيتم إلغاء المائدة ومصادرة ما فيها ، ولك أن تتخيل مواطنين بمن فيهم عساكر شرطة أو مرور أو عمال أو عابري سبيل وهم يتناولون طعام إفطارهم يفاجأون بحملات أمنية وتموينية تجتاح المكان أو الخيمة وتبث الرعب في الجميع وتثير أجواء الفزع بين الصائمين ، لماذا هذا العنف المفاجئ ، هل اشتكى لك أحد يا معالي الوزير ، ما هذه الهمة العالية والمترعة نفاقا وفجاجة ، ومرة أخرى ، هل هذا العنف المفاجئ والتهديدات مجرد قناعة ذاتية مفاجئة أم أن هناك توجيها عليا من جهة ما بمحاصرة الظاهرة وتحجيمها ، كل في مجال اختصاصه ، وما الجديد في ظاهرة موائد الرحمن هذا العام الذي يجعل صحفا قومية تخصص افتتاحيتها في أعدادها الأسبوعية المميزة للهجوم عليها وانتقادها والمطالبة بتقليصها بدعوى توجيه الأموال المنفقة فيها إلى مصارف أخرى أجدى وأهم ، يا أخي وجه صدقاتك أنت حيث تريد ، واترك الناس تتصدق كما ترى أنه يقربها إلى الله ، الحملة عندما وصلت إلى الصحف القومية ، وكتب بعضهم "بغشومية" ينافق السيدة حرم الرئيس ويشكر جهودها في المجال "الخيري" في ذات السياق الذي يهاجمون فيه موائد الرحمن ، كشفوا "جزءا" من الغطاء ، وأحرجوا حرم الرئيس ، لأنهم قدموا اسمها كفاعل مباشر من خلف ستار في هذه الحملة الغريبة والمفاجئة والعنيفة ضد موائد الرحمن ، وأنا أدعو حرم الرئيس إلى التبرؤ علانية من هذه "التهمة" ، كما أدعوها إلى البرهنة العملية على أنها ليست طرفا في هذه الحملة ، بإقامة خيمة رمضانية ولو محدودة لمائدة الرحمن باسمها ، وأنا على ثقة من أن هذه الخيمة إذا أقيمت ، ستختفي كل هذه الحملات "النفاقية" التي تهاجم "موائد الرحمن" .
gamal@almesryoon.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق