البديل : تشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلي أن نسبة الإصابة بأمراض الفم والأسنان بين المصريين الذين تتراوح أعمارهم بين «35 ـ 45 سنة» تبلغ 90.02% وأن المعدل المتوسط للأسنان المصابة لكل مريض يبلغ 6.1 سنة وهو ما يعني أن أمراض الفم والأسنان تعد أقرب إلي الأوبئة العامة في مصر.. فهل توجد عوامل اقتصادية واجتماعية وراء تفشيها بهذا الشكل؟!! د. محيي الدين حامد عضو الجمعية السويسرية لعلاج الفم والأسنان وأخصائي الصحة العامة للأسنان بالهيئة العامة
ويذكر د. حامد أن تسوس الأسنان يبدأ من طبقة المينا ثم يصل إلي طبقة العاج وبعدها العصب حيث لا يستطيع الإنسان تحمل آلام التسوس مضيفاً أن هذه المرحلة الأخيرة تتطلب علاجاً مختلفاً عن الحشوات التي يتم استخدامها في علاج مرحلتي التسوس الأوليين. ويشير إلي أن العلاج في هذه المرحلة يسمي بعلاج الجذور أو حشو عصب الضرس.
ويذكر د. حامد أن آليات تصنيع الحشوات المتقدمة ضيقت من الفارق بين الأسنان الطبيعية والحشوات الصناعية إلي حد كبير ولكن ذلك لا يعني في الوقت نفسه أنهما متعادلان، مضيفاً أن الحشو البلاتيني المملغم يتأثر بدرجة حرارة الفم أكثر من السنة الطبيعية لأنه جسم معدني بالأساس وبالتالي فهو معرض للكسر أو التسوس مرة أخري من خلال انحشار الطعام في الفجوات الميكروسكوبية التي تقع بينه وبين السنة الطبيعية نتيجة اختلاف استجابة كليتهما للتغير في درجة حرارة الجسم، ويشير إلي أنه يعيب الحشو الصيني الذي تستخدم فيه المركبات الكيميائية الجامدة مثل الكوميوسيت والجلاس أجنمر ضعفه النسبي مقارنة حتي بالحشو البلاتيني المملغم وبالتالي تعرضه للكسر بنسبة أكبر من نظيره البلاتيني. ويضيف أنه لذلك يفضل استخدامه في الحالات التي تتم فيها معالجة أسطح الأسنان التي لا تتعرض لضغط قوي أثناء عملية المضغ خاصة أنه يأخذ نفس لون الأسنان مما يجعل شكله الجمالي مقبولاً عن الحشو البلاتيني المملغم الذي يملك لوناً خاصاً يشكل فارقاً في التناسق الجمالي للأسنان بشكل خاص والفم بشكل عام مما يدفع كثيرين للنفور من استخدامه.
وينصح د. حامد الإنسان بأن يعتني بأسنانه الطبيعية التي لا يمكن تعويض كفاءتها بتنظيفها وغسيلها باستمرار باستخدام المعجون وفرشاة الأسنان والكشف الدوري عليها عند الأطباء المختصين لأن الاكتشاف المبكر للتسوس يحمي أكبر قدر ممكن من السنة الطبيعية ويزيد في نفس الوقت من فعالية الحشو الصناعي كما ينصح د. حامد بأكل الفواكه والخضروات لأنها تحتوي علي ألياف تمشط وتنعش اللثة وتحد من مفعول البكتيريا الفمية. ويضيف أن الدولة يمكنها أن تساهم بفاعلية في حماية الأسنان ومحاربة التسوس بعدما أصبح وباءً عاماً بإضافة الفلورايد إلي معجون الأسنان والشاي ومياه الشرب النقية المعالجة وغيرها من الأطعمة والسوائل، مشيراً إلي أن الفلورايد يتحد مع الكالسيوم هيدروكسي أباتيت «مينا الأسنان» ليشكل الكالسيوم فلورايد أباتيت الذي يكتسب مناعة كبيرة ضد نشاط البكتيريا الفمية.
أما د. جمال جورج فيري أن انخفاض المستوي المعيشي لغالبية المصريين ينعكس بوجه عام في عدم امتصاص أجسامهم للحصص الغذائية الضرورية للنمو السليم، مضيفاً أن عدم امتصاص الجسم للحصص الكافية له من الكالسيوم علي وجه التحديد بالإضافة إلي غيره من المواد الغذائية يؤدي إلي تشوه الأنسجة الشبكية والتكوينات العظمية التي تتكون منها الأسنان اللبنية التي تستمر مع الطفل منذ الولادة وحتي طلوع أسنانه المستديمة عند بلوغه الأربعة عشر عاماً. ويشير إلي أن الأسنان اللبنية هي أساس الأسنان المستديمة وبالتالي يؤدي تشوهها وضعفها إلي حدوث نفس الأمر في الأسنان المستديمة بما يؤدي أيضا إلي تحلل الكالسيوم الموجود في الأسنان وتسوسها بسرعة وسهولة نتيجة تخمر بقايا الطعام في الفم.
ويري د. جورج أن انتشار أمراض الفم والأسنان في مصر يعد أحد مظاهرة أزمة المجتمع الاستهلاكي في بلد رأسمالي متخلف مثل مصر. ويضيف أن إنتاج المجتمع الاستهلاكي بوفرة مبالغ فيها للأغذية المحفوظة ذات القيمة الغذائية الرديئة والمليئة بالمواد النشوية والسكرية مثل الشيبس والمياه الغازية والهامبورجر والحلويات دون توفير في المقابل الكميات المناسبة والضرورية من الأغذية الصحية دفع الأطفال والشباب خاصة من أبناء الطبقة الوسطي لإدمانها.
ويشير إلي أن تناول هذه السلع الاستهلاكية دون تنظيف وغسيل الأسنان بعد الأكل مباشرة يؤدي لما تحتويه من مواد سكرية ونشوية إلي ارتفاع احتمالية تخمر بقايا الطعام في الفم وتحوله إلي بيئة خصبة لنشاط بكتيريا الفم.
ويذكر د. جورج أن احتفاظ الجماجم الخاصة للمصريين القدماء بأسنانها يرجع إلي اعتمادهم في غذائهم اليومي علي الخضروات المكونة من الألياف التي لا تلتصق بالأسنان ولا تحفز بيئة التخمر في الفم وبالتالي كان غسيل الأسنان مع المضمضة كافياً للحفاظ عليها من التحلل والتسوس. ويشير إلي أن أي عيب في الأسنان يؤدي لا محالة إلي مصاعب في مضغ الطعام وبالتالي عسر في الهضم يؤدي إلي عدم استفادة الجسم بجزء كبير من الطعام مما قد يتطور في النهاية إلي الإصابة بمرض فقر الدم «الأنيميا» وتأخر النمو الهيكلي أو العقلي للإنسان. ويضيف د. جورج أنه مهما كانت مهارة صانع الحشو فمن الصعب أن يقوم الحشو الصناعي بوظيفة العضو الطبيعي بنفس الكفاءة قائلاً إن من مشاكله مثلاً أن ضغطه المستمر علي الأنسجة الخلوية في الفم يؤدي إلي التهابها في بعض الأحيان مما يحتم العودة إلي الطبيب لتلقي علاج خاص بذلك.
ويري اللواء طبيب علي راشد الأستاذ بالأكاديمية الطبية العسكرية أن انخفاض مستوي الصحة وضعف العناية بها هو السبب في انتشار أمراض تسوس الأسنان بهذا الشكل الفظيع كما أن انخفاض المستوي المعيشي لقطاعات واسعة من السكان بما يفقدهم القدرة علي شراء السوائل والخضروات الغنية بالفلور المفيد للأسنان له دور أيضاً في ذلك.
ويذكر اللواء طبيب راشد أن مضاعفات تسوس الأسنان تمتد من المغص والإسهال إلي التهاب العصب الخامس الموجود تحت الضروس والجيوب الأنفية التي يمر بها نفس العصب، كما تصل مضاعفاته في بعض الأحيان إلي حد الإضرار بالقولون والزائدة والإصابة بالأنيميا والالتهاب الصديدي في اللثة بسبب صعوبة هضم الطعام وعدم استفادة الجسم بجزء كبير منه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق