الاثنين، 16 يونيو 2008

توحش الغلاء و تطرف الراسمالية فى سعيها نحو الارباح

شاء الله سبحانه و تعالى أن تحدث بعض التطورات المستجدة اثناء نظر هذه القضية , و شاء جلت قدرته ان تكون معظم تلك التطورات مؤيدة و موضحة لنقاط عديدة تطرق اليها المدعون فى هذه القضية , و كذلك كاشفة للكثير من النقاط التى اعتمد عليها الدفاع فى مذكرته المقدمة لعدالة المحكمة بجلسة 29 أبريل 2008 .
فلقد أعلنت البورصة المصرية نتائج أعمال الشركات المصرية المسجلة لديها عن الربع الاول لعام 2008 , كما أدلى أحد الخبراء الاقتصاديين , الذين وردت اسماؤهم فى مذكرة الدفاع , أدلى بحاديث مطول لجريدة المصرى اليوم شرح فيها أراؤه فى الاوضاع الاقتصادية فى مصر , بصراحة و وضوح وشجاعة , كذلك فقد صدر حكم هام لمحكمة مصرية بإلزام وزارة المالية بدفع نفقة شهرية لفقيرة عاجزة عن الكسب , و كذلك حدثت أمور أخرى عديدة فى الحياة الاقتصادية المصرية نتصور أن لها تأثيرها فى مسار هذه القضية .
و أرجو أن تاذن لنا عدالة المحكمة , كمواطن و كمستهلك يعيش فى هذا الوطن و يهتم بهمومه و يتألم لما يصيبه و يفرح لافراحه , أن أعرض ما حدث و يحدث , بالاعتماد على الارقام الرسمية المتاحة , من المصادر الرسمية الموثقة , و رغم أن الحصول على المعلومات ليس بالامر اليسير على أمثالى من المواطنين العاديين , ألا أننى أعترف أن ذلك القدر المتاح من معايير الشفافية و الافصاح التى تلتزم بها هيئة سوق المال و البورصة المصرية , و كذلك الموقع الالكترونى المتميز لمركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء قد ساعدنى كثيرا فى تجميع بيانات هامة و حديثة , و على علاقة مباشرة بما يجرى فى السوق الاقتصادية المصرية و هو الامر الذى سيلقى الضوء على عدالة القضية التى تنظرها محكمتكم الموقرة .
بداية أرجو أن أوضح أننا اليوم نقف بين يدى عدالة المحكمة , طلبا للعدالة التى أقرتها شرائع السماء و قوانين الارض , و نطالب الحكومة بتفعيل المادة العاشرة من قانون حماية المنافسة و منع الممارسات الاحتكارية الذى قدمته بنفسها للمجتمع من سنوات قليلة , لسنا هنا حبا فى الخصومة و لا سعيا وراء مصلحة أو منفعة , غير صالح الاغلبية العظمى من أبناء مصر , الذين لم يعد لهم ملجأ غير صرح القضاء يحتمون به من توحش الغلاء و تطرف الراسمالية فى سعيها نحو الارباح و لا شىء غير الارباح .
إننا هنا لنطالب بالعدالة فى أوضح و أبسط صورها , و هى العدالة الإجتماعية , و هو نفس ما يطالب به السيد رئيس الجمهورية , و نحن هنا أيضا لتوضيح وجهة نظر المواطن البسيط و المستهلك العادى , أمام قوة و عنفوان و جبروت الرغبة فى جمع المال , ذلك أن المستهلك هو الهدف الحقيقى و النهائى لاى سوق , و غيابه أو تجاهله عند مناقشة القضايا و القرارات و السياسات التى تؤثر على قوته الشرائية , يعنى خللا جوهريا بتوازن المصالح فى السوق االإقتصادية الحرة , و التى يفترض أن فيها ثلاث أطراف : البائع , سواء كان تاجرا أو صانعا و المستهلك الذى يتلقى السلعة أو الخدمة و أخيرا هناك المنظم أو المراقب و هو السلطات الحكومية .
و لقد حاول بعض المواطنين مواجهة الغلاء و ارتفاع الاسعار عن طريق إنشاء عدد من الجمعيات التعاونية الاساسية و التى تضمها جميعا جمعية تعاونية عامة وفقا لقانون التعاون الاستهلاكى رقم 109 لسنة 1975 , حتى يستطيعوا توفير السلع الاساسية من المنتج للمستهلك مباشرة , و تطبيق سياسة الشراء الجماعى , كما وردت فى القانون المذكور , فى محاولة جادة لمواجهة الغلاء و تقديم المثل و القدوة على قدرة المواطنين على المساهمة الايجابية فى حل المشاكل التى تواجه الوطن , إلا ان العوائق و الصعوبات التى واجهتهم تحول بينهم و بين إيجاد ذراع إقتصادية للمواطن المصرى ليواجه الظواهر الإفتصادية الغريبة التى تكاد تدمر الاستقرار الاجتماعى و الاقتصادى للأسرة المصرية , و بدا واضحا للجميع أن السياسات المالية و الاقتصادية و الاستثمارية التى تطبقها حكومتنا الرشيدة لا مكان فيها للإقتصاد التعاونى الذى لا يهدف للربح و لا تتسع سياسات حكومتنا لاى لدعم حقيقى لمشاركة المستهلكين فى الحياة الاقتصادية , و لكنها تتسع تماما لكل أحلام و طموحات و ربما شطحات الاخرين .
و كم كنا نتمنى أن يوجد على أرض مصر اتحادا عاما موحدا يضم جموع المستهلكين المصريين يدافع عن مصالحهم و يسمع صوتهم للجميع , استكمالا لمنظومة المنظمات الاهلية الاقتصادية القائمة الان فى مصر كاتحاد الغرف التجارية و اتحاد الصناعات و جمعيات المستثمرين و جمعيات رجال الاعمال , و يقف فى هذه الساحة المقدسة معبرا بصوت عال عن أمال و ألام المستهلك المصرى الذى طحنت عظامه الأوضاع الاقتصادية السائدة
فنحن قد لا نملك الامكانيات المادية و البشرية التى يتمتع بها خصومنا فى هذه الدعوى , و لكننا نملك إيمانا راسخا بعدالة قضيتنا و يقينا لا حدود له بعدالة القضاء المصرى الذى طالما انتصر للضعفاء و أعاد لهم حقوقهم

أولا : إعلان نتائج أعمال الشركات المصرية عن الربع الاول من عام 2008

لقد شاعت فى الفترة الاخيرة نغمة ازمة ارتفاع الاسعار العالمية و أزمة الغذاء العالمية , و طاب للبعض أن يعزو الغلاء الفاحش الذى طرأ على السلع الاساسية فى مصر الى ارتفاع اسعار البترول عالميا و الى اتجاه بعض الدول لانتاج الوقود الحيوى و الى التضخم العالمى و الى أمور تبدو للعامة مفروضة علينا كما لو كانت قدرا مكتوبا ليس إلا أن نتقبله صاغرين شاكرين .
و سنحاول هنا بالارقام و المستندات أن نتحقق من كل تلك الاقاويل , لنرى هل الغلاء و ارتفاع الاسعار فى مصرنا الغالية ( صناعة محلية ) أم ( وارد الخارج ).
ففى الايام و الاسابيع الماضية أعلنت البورصة المصرية على موقعها الالكترونى الرسمى و الذى يقدم خدماته المختلفة للمتعاملين فى البورصة , عن عمليات البيع و الشراء , و كذلك عن كافة المعلومات الجوهرية عن الشركات المقيدة فى البورصة , حتى أنه يقدم نسخا من محاضر الجمعيات العمومية و الميزانيات و نتائج الاعمال , و التى قد تفيد المتعاملين مع البورصة , و المجتمع الاقتصادى , و الوطن بعامة فى تقييم الشركات و الاحداث بشكل واضح و دقيق و موثق , بعيدا عن الشائعات و احاديث المنتديات و المقاهى .
و لما كانت القضية التى نحن بصددها هى قضية اقتصادية , و لما كانت البورصة هى ( صالة العرض ) الاقتصادية التى تتباهى الحكومات و الشركات بعرض منجزاتها و نتائج سياساتها فيها , و باعتبارى مستهلك لسلعة أو لخدمة , تقدمها الشركات المسجلة فى البورصة , و لما كان الاقتصاد الحر يهدف فى الاساس الى خدمة المستهلك و الحصول على رضائه , و نظرا لاستحالة تصور قيام سوق بدون مستهلك , لذلك كله أرجو أن يتسع صدر عدالة المحكمة لرؤية واحد من المستهلكين أبناء هذا الوطن .
و نظرا لان اسعار بيع أى سلعة أو خدمة ما هى إلا حاصل جمع التكلفة الفعلية للإنتاج و التسويق و كافة التكاليف الادارية و التمويلية الاخرى , مضافا إليها هامش ربح المنتج و \ أو البائع , و نظرا لان الرغبة فى زيادة الارباح قد تدفعهم لرفع الاسعار ليس فقط لتعويض زيادة التكاليف و زيادة الاسعار العالمية ( على فرض حدوثها ) و لكن لتحقيق المزيد و المزيد من الارباح , خاصة فى ظل وجود ظواهر احتكار و تعطيش للسوق و تعطيل لاليات العرض و الطلب الطبيعية و التى حاولت مذكرة الدفاع تجاهلها كواقع نعيشه و نلمسه , لذلك كله لا مفر من إلقاء نظرة متفحصة و سريعة فى أن واحد لتطور ارباح الشركات المصرية خلال الشهور و السنوات القليلة الماضية , لعلنا نرى الاثر الذى انتجته السياسات المالية و النقدية الت اتبعتها الحكومة و تصر على الاستمرار فيها .
أتشرف بأن أرفق لعدالة المحكمة قائمة بأسماء 95 شركة مصرية كبرى , و أرباحها و خسائرها , كما اعلنتها البورصة المصرية التابعة لهيئة سوق المال و التابعة بدورها لوزارة الاستثمار .( مرفق رقم 1 )
و بقراءة سريعة لتلك القائمة التى تظهرأرباح الربع الاول من عام 2008 و مقارنتها بأرباح نفس الفترة من عام 2007 سنجد الملاحظات التالية :
1 – نود بداية أن نؤكد تقديرنا و احترامنا الكامل لكل الشركات و المؤسسات التى سيرد ذكرها ضمن العينة و للقائمين عليها و العاملين فيها , و لكننا نتناولها كعينة من الشركات الكبيرة التى تؤثر فى الاقتصاد المصرى و فى الحياة اليومية للمواطنين فى ظل سياسات حكومية معينة و فى ظروف تاريخية محددة , كما لسنا مع أو ضد القطاع العام أو القطاع الخاص و لكننا مع كل من يقدم تنمية حقيقية تؤثر بالايجاب و الرخاء فى حياة المواطن البسيط .
2 – زادت أرباح 92 شركة و انخفضت أرباح 3 شركات و لم تلحق أى خسارة باى شركة ضمن العينة .
3 – برغم السياسات المالية و الاقتصادية , و قرارات وزارة التجارة و الصناعة فى محاولاتها لضبط الاسعار فى سوق الحديد و الاسمنت و الأرز , فأننا سنجد أن النتائج لا تبشر بغير المزيد من الغلاء نتيجة استمرار بعض الشركات فى زيادة الاسعار لتحقق المزيد و المزيد من الارباح فى ظل السياسات المالية و النقدية للحكومة الرشيدة

قطاع التشييد و البناء

الاسمنت :
- حققت شركة اسمنت حلوان فى الربع الاول من عام 2008 أرباحا تعادل 174% من تلك التى حققتها عن نفس الفترة من عام 2007 , أما شركتى السويس للأسمنت و شركة أسمنت العامرية فقد حققتا 156 % و 158 % على التوالى , بما يوحى أن اشركات قادرة على تعظيم أرباحها بصفة مستمرة , و بالطبع نحن نلمس الزيادة المستمرة فى الاسعار و نلحظ تلازمها مع زيادة الارباح .
- و من الملفت للنظر أن أرباح شركة مصر للأسمنت – قنا فى الشهور الثلاثة الاولى من 2008 قد فاقت مجموع ما حققته فى سنة 2004 بالكامل , و التى شهدت بداية سياسات الاصلاح الاقتصادى النى تنفذها الحكومة المصرية .

الحديـــد :
- من أغرب الملاحظات , أنه فى ظل الجدل الواسع الذى يشهده المجتمع المصرى حول الزيادة الرهيبة فى أسعار حديد التسليح , و رغم الاعلانات الضخمة التى نشرتها مجموعة شركات عز ( المنتج الرئيسى للحديد فى مصر ) , لتبرر زيادة اسعار البيع المحلية بحجة زيادة الاسعار العالمية , إلا أننا نصدم بأن شركة عز الدخيلة للصلب – الاسكندرية قد زادت أرباحها فى الربع الاول من 2008 لتصبح 158% مما حققته فى نفس الفترة من
2007
- و من الغريب أيضا أن تحقق شركتها الشفيفة , العز لصناعة حديد التسليح فى الشهور الثلاث الاولى من عام 2008 , ربحا يعادل ضعف ما حققته فى عام 2005 بكامله ( وفقا لما ذكرة الكتاب الرسمى الصادر البورصة المصرية فى يوليو 2007 و يقدم النتائج المالية الرسمية لسنوات 2006 و 2005 و 2004 لأكثر 50 شركة نشاطا فى البورصة . )
و عند ذكر شركة العز لصناعة حديد التسليح , لا يمكن ان نخفى دهشتنا و ذهولنا , بل و خيبة أملنا الكبيرة فى سياسات الحكومة المالية و النقدية و الاقتصادية التى سمحت لتلك الشركة التى تنتج حديد التسليح , و الذى لا غنى عنه فى كافة مشروعات الاسكان و البنية الاساسية و غيرها , أن ترفع سعر الحديد بحجج واهية كارتفاع الاسعار العالمية , بينما الواقع يقول ( طبقا للكتاب الرسمى السابق الاشارة اليه و وفقا لميزانياتها المعلنة ) كانت تحقق خسارة حتى عام 2003 , و عندما بدأت سياسة الاصلاح الاقتصادى فى 2004 , بلغت نسبة العائد ( الربح ) الى راس المال المدفوع 57% لتزيد فى 2005 الى 97% و تقفز فى 2006 الى 203% , و لا يحتاج المرء للإشارة الى ارتباط تلك الزيادات بارتفاع اسعار الحديد فى السوق المصرية , و لكن مانحتاجه هو أن تقدم الحكومة , أو دفاعها , مرجعا علميا محترما أو سابقة تاريخية مشابهة فى دولة نامية أو متقدمة تتمتع بنظام اقتصادى على قدر من المصداقية و الشفافية , يقول أن شركة تعمل فى صناعة ثقيلة تستطيع أن تتحول من تحقيق الخسائر المتواصلة , الى ربحية تسترد فيها كامل رأسمالها 3,6 مرة فى ثلاث سنوات فقط , وفقا لأليات السوق الحرة الطبيعية , دون أى شبهة احتكار تسمح برفع سقف الاسعار و الارباح بلا حدود .
- و ستكون الصورة أكثر وضوحا عندما نلاحظ أن ارباح شركة الحديد و الصلب المصرية , و المملوكة للمال العام , قد تطورت أرباحها خلال فترة المقارنة نسبة 328% , و يجب أن نتذكر أن هذه الشركة تتبع السيد وزير الاستثمار , من خلال احدى الشركات القابضة التى تديرها الوزارة , و السيد الوزير هو الذى يتفضل بتحديد المستهدفات السنوية فى الموازنة التقديرية و يراقب مدى تحققها فى الميزانية العمومية , عن طريق أجهزة وزارته , بكل ما فيهما من ارباح مستهدفة أو أرباح فعليه , وهو الذى يعين و يقيل مجلس ادارتها .
و فى تقديرنا أن وزارة الاستثمار , بهذا المثال الصارخ , و غيره مما سيلى ذكره , هى أحد أهم المسئولين عن صناعة الغلاء فى مصر , لتزيد ربحية شركاتها القابضة و التابعة من ناحية , و لكى توفر مظلة لجذب المستثمرين لكى يرفعوا الاسعار ( على راحتهم ) و يحققوا من الارباح ما يشاؤؤن , مهما اشتدت أزمة الاسكان و مهما زادت اسعار المبانى بكل ما يترتب على ذلك من اثار اجتماعية و اقتصادية على الاسر المصرية , بل و على المشروعات الكبرى التى تنفذها الدولة و على أمن و استقرار الوطن و سلامه الاجتماعى .

و ليس غريبا أن يتساءل المواطن العادى , هل هى مجرد صدفة أن ينخفض انتاج قطاع الاعمال العام من حديد التسليح ليصل إلى أدنى مستوياته ( 77,6 ألف طن ) فى سنة 2004 وفقا للدراسة الصادرة عن مركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء والتى تتحدث عن مستوردى خامات الحديد و الطاقات الانتاجية و الواردات و الصادرات خلال الفترة من 2000 الى 2005 ( مرفق رقم 2 صفحة رقم 7 ) , و هى السنة التى بدأت فيها شركة مثل عز لصناعة حديد التسليح التحول من الخسارة الى الارباح ؟
و حتى تزداد الصورة وضوحا , فإننا نلتمس من عدالة المحكمة أن تأذن للمدعين فى هذه الدعوى , بمخاطبة مختلف الوزارات و المصالح و الهيئات الحكومية و الحصول على ميزانيات الشركات الخاصة و العائلية , الغير مقيدة بالبورصة المصرية , و العاملة فى صناعة حديد التسليح و تجارته و كذلك تجارة الاسمنت , خلال السنوات من 2004 إلى 2007 , حتى نستطيع أن نوفر لعدالة المحكمة المزيد و المزيد من الادلة و البراهين على أن جزءا إضافيا لا يستهان به من ارتفاع الاسعار ينتج عن تزايد ارباح باقى المنتجين و كذلك حلقات البيع من كبار الموزعين و التجار , و ذلك اذا ارتات عدالة المحكمة حاجة لذلك .


قطاع البنوك و التمويل
قد يبدو غريبا أن نتطرق للبنوك و مؤسسات التمويل فى هذه السطور , و لكن من المؤكد أن أى نشاط اقتصادى لا يقوم إلا ببنوك و مؤسسات تمويل قادرة على تلبية احتياجات المجتمع من الموارد الماليه , و بتكلفة مناسبة ( الفائدة و المصروفات ) , ذلك أن عبء تكلفة الاقتراض و التمويل يحمل فى النهاية على تكلفة السلعة أو الخدمة و بالتالى يتحملها المستهلك ضمن ما يدفعه لشراء هذه السلعة أو تلك الخدمة .
و لما كانت أرباح البنوك هى حاصل طرح مصروفاتها كلها من إجمالى ايراداتها , و لما كانت ايرادنها هى جزء من العبء الذى يتحمله المستهلك , لذا نرجو أن نلقى نظرة سريعة على أرباح عينة و البنوك و شركات التمويل فى مصر كما أعلنتها البورصة المصرية عن الربع الاول من عام 2008 , و المتضمنه فى القائمة المرفقة مع هذه المذكرة , و سنجد الملاحظات التالية :
- هناك بنوك و مؤسسات تمويل زادت أرباحها فى فترة المقارنة بنسب ضخمة مثل :
- بنك بيريوس مصر : أكثر من 800%
- بنك الاتحاد الوطنى – مصر : أكثر من 300%
- شركة الاهلى للإستثمار و التنمية : أكثر من 1300%
- البنك الاهلى المتحد – مصر : أكثر من 200%
- حقق البنك التجارى الدولى ربحا يبلغ 440 مليون جميه فى 3 شهور بنسبة تطور أكثر من 165% , و هى تكاد تعادل ما حققه فى سنة كاملة 2004 .
- حققت شركة المجموعة المالية – هيرمس القابضة فى نفس الفترة ربحا يقترب من 350 مليون جنيه , بنسبة تطور حوالى 140% , و كانت قد حققت فى عام 2007 حوالى 1281 مليون جنيه و هو ما يعادل 25 ضعفا لربحها فى عام 2004 , أى أن السياسات المالية و النقدية و الاقتصادية و الاجتماعية لوطننا تسمح بذلك و نلفت الانتياه الى أن 2004 كانت بداية ما سمى بسياسات الاصلاح الاقتصادى فى مصر .
- حقق البنك الوطنى للتنمية فى 3 شهور فقط من عام 2008 ربحا يعادل ما حققه فى عام 2006 بالكامل .
- حقق بنك التعمير و الاسكان ( و المملوك للمال العام ) فى 3 شهور ربحا يكاد يعادل ما حققه فى عام 2005 بالكامل .
وسيكون من المدهش ألا يربط أى قارىء محايد لتطور أرباح البنوك المحلية فى بدايات عام 2008 , و ما قبلها مع موجات الغلاء و ارتفاع الاسعار , خاصة فى ظل السياسات المالية و النقدية التى يتحدث عنها دفاع الحكومة و التى سمحت للبنوك أن تدفع فائدة فى حدود 7% على الودائع , بينما تعيد إقراضها بفائدة قد تصل الى 15% للشركات و المصانع و تصل الى 25% عند إقراض المستهلك الفرد ( التجزئة المصرفية )
و سيكون من المفيد للغاية أن نلاحظ مدى تشجيع تلك السياسات للإدخار , و الذى هو اساس التنمية الحقيقية , و كذلك سيكون من المثير للإعجاب أو التعجب أن تمكن تلك السياسات البنوك من تحقيق ما حققته رغم وجود فوائض مالية بمئات المليارات لدى النظام المصرفى المصرى دون استخدام أو استثمار
و نظرا لما نسمعه جميعا من شائعات و حكايات عن تعثر بعض البنوك بسبب توقف بعض الشركات عن سداد مديونياتها للبنوك , و ما نسمعه عن تنازل بعض البنوك عن مبالغ كبيرة من الفوائد المستحقة على بعض الشركات , و لجوء تلك البنوك لرفع أسعار خدماتها ( الفوائد و المصروفات ) لتعويض تلك الخسائر الناتجة عن التنازل عن الفوائد و التى سيتحملها المستهلك فى نهاية الامر , لذا نرجو المحكمة و نلتمس من عدالتها أن تأذن للمدعين فى هذه الدعوى , بمخاطبة كل من البنك المركز المصرى و كذلك الجهاز المركزى للمحاسبات و الحصول على بيان بالفوائد التى تم اسقاطها أو إلغائها بمعرفة البنوك المملوكة للمال العام أو التى يشارك فيها المال العام منذ عام 2004 إلى 2007 , و ذلك حتى نستطيع أن نقدم لعدالة المحكمة مزيدا من البراهين و الادلة على أن ما يحدث فى السوق المصرية لا يطابق الكثير مما جاء فى مذكرة الدفاع بخصوص النظريات الاكاديمية للسوق الاقتصادية الحرة , و ذلك إذا ما رأت عدالة المحكمة حاجة لذلك .

قطاع الصناعات الغذائية

سنحاول هنا إلقاء الصوء على بعض المواد الرئيسية التى تتعلق بمائدة طعام المواطن المصرى العادى جدا , و كنا نود لو اتيحت لما المعلومات الموثقة الدقيقة لنتناول جميع السلع , و لكن لاشك لدينا أن عدالة المحكمة و سعة أفقها سوف يسمح بعرض نموذج مما حدث و يحدث فى الواقع اليومى للمواطن المصرى , ليكون ردا عمليا على التحليلات النظرية و الاكاديمية التى امتلأت بها مذكرة دفاع الحكومة .
المطاحن و المخابز :
كان غريبا ألا تشير مذكرة الدفاع الى أزمة الخبز التى عانى منها ابناء مصر و نظن أن بعضهم لازال يعانى منها حتى الان , و نخشى أن يقول قائل أنها ليست نتيجة سياسات مالية و إدارية و زراعية و اقتصادية للحكومة و لوزرائها , و لكن ما يهمنا هنا تدخل السيد رئيس الجمهورية فى تلك الازمة و اصداره التوجيهات لكل من القوات المسلحة الشرطة بالتدخل فى ( السوق الاقتصادية المصرية الحرة ) لتوفير الخبز للمواطنين , و هو ما يعنى أن الخرق قد اتسع على الراتق .
و فى تقديرنا أن تدخل سيادة الرئيس قد قدم دليلا قاطعا و دامغا على شيئين فى غاية الاهمية :
- الاول هو أن اختصام سيادته فى هذه الدعوى يقوم على اساس صحيح بدليل أن تدخل سيادته كان له الاثر الذى لا يستطيع أحد انكاره فى تغيير مسار أزمة الخبز
- و الثانى هو أن الحكومة الحكومة و سياساتها المالية و النقدية لم تستطع كبح جماح أزمة الخبز , و لكن الاجراءات الادارية الاستثنائية ( تدخل القوات المسلحة و الشرطة ) هو أمر وارد و مقبول و تستخدمه السلطة التنفيذية فى كل مستوياتها .
و بالعودة الى ارباح الربع الاول من عام 2008 , كما أعلنتها البورصة المصرية , و فى ظل أزمة الخبز و فى ظل تدخل السيد رئيس الجمهورية شخصيا , ماذا فعلت شركات المطاحن و المخابز المملوكة للمال العام و التى يتولى مسئولية الاشراف و التخطيط و الرقابة على اعمالها بعض من وزراء الحكومة ؟

- شركة مطاحن و مخابز شمال القاهرة زادت أرباحها بنسبة 205%
- شركة مطاحن و مخابز جنوب القاهرة و الجيزة زادت ارباحها بنسبة 330%
- شركة مطاحن و مخابز الاسكندرية زادت أرباحها بنسبة 334%
- شركة مطاحن و مخابزغرب الدلتا زادت ارباحها بنسبة 163%
- شركة مطاحن مصر الوسطى زادت أرباحها بنسبة 177%
- شركة مطاحن مصر العليا زادت أرباحها بنسبة 170%
- شركة مطاحن شرق الدلتا زادت أرباحها بنسبة 132%

فى ظل أوضاع فقد فيها بعض ابناء الوطن حياتهم فى سبيل الحصول على رغيف خبز , و فى الوقت الذى يأمر فيه رئيس الدولة القوات المسلحة و الشرطة بتوفير الخبز , تكون الشركات المملوكة للشعب , و التى تنتشر مطاحنها و مخابزها فى طول البلاد و عرضها , منهمكة فى البحث عن الارباح بأى وسيلة , تنفيذا لسياسات تعظيم الارباح و الالتفات عن أى دور أجتماعى أو اقتصادى له صلة من قريب أو بعيد بأبسط الحقوق الاقتصادية للإنسان كما عرفتها المواثيق الدولية التى وقعت عليها جمهورية مصر العربية .
و هنا ايضا يظهر دور وزارة الاستثمار , التى أظنها تدير تلك الشركات من خلال شركاتها القابضة و تعين و تقيل القيادات المسئولة في كل شركة و تحدد لها اهدافها و اهتماماتها , و لعلنا نندهش من نسب النمو التى تتباهى بها كل أجهزة الدولة و مليارات الدولارات التى جاءت للإستثمار فى مصر , و لكنها عجزت عن توفير رغيف العيش للمواطن , لولا تدخل رئيس الدولة بإجراء إدارى بحت بعيد كل البعد عن أليات الإقتصاد العاديةسواء كان حرا أو حتى موجها , فليس من مسئوليات القوات المسلحة و الشرطة , فى اى نظام على فدر من الكفاءة , توفير رعيف الخبز للمواطن فى ظل وجود شركات متخصصة يشرف عليها مجلس وزراء يذخر بالاقتصاديين .

فهل هذه هى السياسات المالية و النقدية التى تتحدث عنها و تتمسك بها الحكومة ؟

الدواجن :
نعيش جميعا حالة من الارتفاع الحاد فى اسعار الدواجن , يرجعها البعض الى انفلوانزا الطيور و ربما ايضا الى ارتفاع الاسعار العالمية , و ارتفاع اسعار النفط , و لكن القليلون فقط هم الذين حاولوا البحث عن علاقة المناخ العام للاستثمار فى مصر , و الذى يهدف دائما الى تعظيم الربح و رفه هوامش الارباح , و بين ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء و بدائلها مثل الدواجن , و يبدو أن الشعار السائد فى السوق المصرية الان هو ( ليه تكسب قليل لما ممكن تكسب كتير )
و من المدهش أن تقارير البورصة المصرية عن ارباح الربع الاول من عام 2008 تقول أن الاسعار العالمية لا يمكن أن تكون مسئولة عن ارتفاع اسعار الدواجن محليا , و ان التضخم العالمى و المحلى قد يتحملا جزءا من المسئولية , و لكن ماذا عن ارباح الشركات العاملة فى مجال صناعة الدواجن ؟ و هل لها علاقة بارتفاع الاسعار المحلية لهذا النوع من الغذاء , و الذى يقبل الناس عليه كلما زادت اسعاراللحوم الحمراء , و نحن جميعا نعرف كم يكلف كيلو اللحم فى مصر اليوم .
تقول التقارير الرسمية للبورصة المصرية ان :
- شركة الاسماعيلية مصر للدواجن : حققت زيادة فى ارباحها خلال الربع الاول من عام 2008 قدرها 714% من نفس الفترة من عام 2007 .
- شركة الشرقية للدواجن : حققت تطورا يبلغ 411% فى ارباح نفس الفترة .
- أما شركة القاهرة للدواجن فقد استطاعت زيادة أرباحها بنسبة 333% خلال نفس الفترة , و من المدهش أن ما حققته هذه الشركة فى 3 شهور فقط , يعادل ما حققته فى عام كامل و هو العام السابق 2007 , و المثير أن أرباح هذه الشركة فى عام 2006 لم تتجاوز 92 مليون جنيه , زادت فى 2007 الى حوالى 146 مليون جنيه , واذا سارت الامور فى 2008 على نفس نمط الربع الاول , فمن المتوقع أن تتجاوز ارباحها فى نهاية العام نصف مليار جنيه بالتمام و الكمال .
هل يستطيع عاقل أو محايد أن يتجاهل أثر ذلك التطور الهائل فى هوامش الارباح على الاسعار و دفعها للإرتفاع فى السوق المحلى ؟

السكر :
لقد اتيح لنا الحصول على المعلومات الدقيقة الموثقة لواحدة من كبريات شركات صناعة السكر فى مصر , و هى شركة الدلتا للسكر , المملوكة للمال العام و التابعة , ضمن مئات الشركات , للسيد وزير الاستثمار المصرى , و لقد وفق الله القائمين على هذه الشركة فى تحقيق طفرة فى الارباح فى الربع الاول من عام 2008 , و حققوا 173% من ربح الفترة الممائلة من عام 2007 , و غنى عن البيان أن السكر من السلع التى اشتعلت اسعارها خلال الفترة الماضية بشكل لافت للنظر , و كان التفسير الرسمى دائما يتحدث عن زيادة اسعار السكر فى السوق العالمية و نظريات العرض و الطلب و التضخم و الركود العالميين , دون بذل الجهد الكافى لتحليل ما يحدث فى ارض الواقع فى مصر .
و الحقيقة أن النتائج المالية لهذه الشركة على مدى السنوات القليلة الماضية تثير العديد الاسئلة هو السياسات الاقتصادية التى تتبعها حكومتنا الرشيدة , و منها :
- معدل الربح الى سعر البيع كان 29% فى عام 2004 ( بداية مايسمى الاصلاح الاقتصادى فى مصر ) ثم أصبح حوالى 32% فى عام 2006 , و يعلم الله كم بلغ فى 2007 , حيث لم تصدر البورصة المصرية تقاريرها التفصيلية بعد و لا كم سيبلغ فى 2008 , و لكنه يبدو لمن يريد أن يرى , أن الشركة تزيد النسبة المئوية لربحها على باب المصنع , و أن الزيادة فى هذه النسبة ليس لها علاقة باسعار السكر فى العالم , و لكنها تخضع لقرارات ادارة الشركة التى يعينها السيد وزير الاستثمار مع الشركة القابضة للصناعات الغذائية , مع مراعاة أننا نتكلم عن هامش ربح الشركة المنتجة وحدها دون باقى حلقات التوزيع و البيع المختلفة .
- و اذا كنا بالتأكيد نتفهم ضرورة وجود الربح فى اى نشاط اقتصادى , و لكننا نختلف على سياسة هامش الأرباح المغالى فيها و التى لا تراعى أية اعتبارات للعدالة الاجتماعية التى ينادى بها رئيس الدولة , و لذلك سننظر لربح شركة الدلتا للسكر و نسبته الى رأسمالها المدفوع , قجميعنا نوافق على أن صاحب رأس المال لابد له من تحقيق الربح , دون أن يكون ذلك مبررا لكى لأن يجور على حق المستهلك فى دفع سعر ( عادل ) و مناسب , و خاصة إذا كان صاحب المال فى حالتنا هو الشعب ذاته و ما وزير الاستثمار و الحكومة الا وكيل عنه لإدارة الشركة .
ففى الوقت الذى كانت الفائدة التى تدفعها البنوك المصرية على الودائع لا تتجاوز 10% فى السنة بأى حال من الاحوال , كانت شركة الدلتا للسكر تحقق عائدا على راسمالها المدفوع يبلغ 55% فى عام 2004 , أى أكثر من 5 أضعاف سعر الفائدة السائدة فى البنوك , و لكنها لم تكتف بذلك , بل زادت الاسعار فى 2005 و فى 2006 ليصل العائد على راسمالها الى 67% فى سنة 2006 .
و الحقيقة أن الشركة قد استردت 185% من راسمالها المدفوع خلال أعوام 2004 و 2005 و 2006 , و نحن لم نكن نتصور أن شركة تعمل فى إقامة المصانع و المنشأت الصناعية , بكل ما تحتاجة من أموال , و برغم الحساسية الشديدة للمجتمع تجاه رفع اسعار سلعة استراتيجية كالسكر , و مع ذلك تستطيع استرداد رأسمالها مرة كل 18 شهر لا أكثر و لم نسمع عن ذلك من قبل .
و كم كنا نرجو أن تقدم لنا الحكومة , أو دفاعها , مرجعا واحدا للإقتصاد الحر أو الموجه يبرر ذلك العائد على رأس المال فى سلعة استراتيجية و اساسية و هامة لللبيت المصرى و للعديد من الصناعات الاخرى بما فيها الادويه , فى ظل الارتفاع الرهيب فى اسعارها ؟
إن رد الحكومة على هذه النقطة سيوضح للكافة كيف تتصرف وزارة الاستثمار و الحكومة كصاحب مال , و يعطينا جميعا الدليل على مدى اهتمام الحكومة برعاية محدودى الدخل كما يؤشر على نوعية الاستثمار الذى تتباهى به الحكومة , و حقيقة السياسات المالية و النقدية و الاقتصادية و الاجتماعية التى تمارسها , فى الوقت الذى يتحدث فيه البعض عن أن تكلفةاستيراد السكر من دولة كالبرازيل يمكن أن توفره للمستهلك المصرى فى حدود جنيهين لا غير للكيلو الواحد .
و لا يجوز أن نختتم حديثنا عن هذه الشركة الكبرى دون الاشارة الى أحد التقارير التى اصدرها الجهاز المركزى للمحاسبات بمناسبة فحص القوائم المالية للشركة فى 30 يونيو2007 ( مرفق رقم 3 ) و التى رصد فيها مخالفة لبديهات المحاسبة التى يعلمها بالضرورة طلاب كليات التجارة بأى جامعة , و هى أن الشركة قد قامت بتقييم رصيدها المخزنى من السكر فى نهاية السنة بسعر البيع بدلا عن التكلفة , و من الطبيعى أن يكون تأثير تلك المخالفة زيادة ارباح الشركة بحوالى 266 مليون جنيه و لكن على الورق فقط , و قبل حدوث عمليه البيع أصلا , و ربما كانت تلك المخالفة بالتحديد ( دون التقليل من أهمية باقى المخالفات الواردة بالتقرير ) و تاثيرها فى زيادة الارباح يؤكد وجهة نظرنا فى سعى اطراف عديدة فى السوق المصرية الى تحقيق اقصى ربح و بأقصر و أيسر الطرق , فى ظل ظروف تحد من حرية المنافسة و تعطل الحركة و التفاعل الطبيعيين بين العرض و الطلب كما وردت فى الكتب و المراجع الاكاديمية البعيدة تماما عن واقعنا المصرى .

ليس هذا فقط , بل إن الشركة لم تقدم ( قوائم تكاليف ) لتققيم تكلفة الانتاج , و لم تقم بإعادة تقييم الحسابات النقدية ذات العملات الاجنبية , و لم تستطع تبويب الالتزامات المتداولة بالشكل المقبول للجهاز المركزى للمحاسبات و غير ذلك من الامور التى جعلت الجهاز يرفض اعتماد الميزانية , فهل هكذا تكون إدارة الشركات التى تنتج السلع الاستراتيجية ؟ و هل هذا هو مستوى الكفاءة فى الادارة و الانتاج الذى يضمن وصول السكر للمستهلك بالتكلفة المناسبة و السعر العادل ؟ أم أن سياسات هامش الربح المرتفع تضمن تحميل المستهلك بكل التكاليف , مهما كانت , طالما أنه لا يملك بديلا فى ظل سوق لا تعمل فيها اليات العرض و الطلب بشكل عادل و طبيعى .
و فى ختام عرضنا لعينة من القطاعات الهامة فى الصناعات الغذائية , لا يفوتنا أن ننوه الى أن جزءا كبيرة من سوق المواد الغذائية تتحكم فيه شركات خاصة و عائلية و هى لا تنشر ميزانياتها و أرباحها للمجتمع و لا يوجد قانون يلزمها بذلك , الامر الذى حال بيننا و بين تحليل ارباح قطاعات أخرى لا تقل أهمية كمنتجات الالبان و زيت الطعام و اللحوم و الحبوب و خلاف ذلك .
وكم نرجو و نلتمس من عدالة المحكمة أن تساعد المدعين فى هذه الدعوى فى اثبات حقهم بالمعلومات الموثقة , بالاذن لهم فى مخاطبة جميع الجهات الحكومية المختصة و الحصول على الميزانيات الرسمية لبعض الشركات العائلية و الخاصة العاملة فى صناعات الالبان و الزيوت و اللحوم الحية و المصنعة والغير مقيدة بالبورصة و لا تقوم بنشر بياناتها المالية الرسمية بأى صورة رغم أنها تستحوذ على حصة كبيرة من السوق و تتحكم فيها و ذلك عن السنوات من 2004 إلى 2007 , لو رأت عدالة المحكمة حاجة لمزيد من الادلة و البراهين على ما يحدث فى السوق المصرية .

الاسمدة :
و قبل أن ننتقل الى الجزء الثانى من هذه المذكرة , لابد أن نتعرض سريعا لصناعة الاسمدة التى تؤثر على تكلفة مجمل النشاط الزراعى فى مصر , وعلى ناتج عمل عشرات الملاين من مزارعى مصر , و يصل تاثيرها الى مائدة طعام كل بيت فى مصر بقدر ما تحتوية من خضروات و فواكه و حبوب و غير ذلك .
لقد زادت اسعار الاسمدة للمزارع المصرى و تضاعقت مرات عديد خلال الشهور القليلة الماضية , فهل كان ذلك نتيجة طبيعية لتفاعل العرض و الطلب ؟ أو نتيجة ارتفاع الاسعار العالمية , أو نتيجة تغير سياسة الدولة فى تقديم مليارات الجنيهات لدعم كافة اشكال الطاقة و الخامات البترولية لشركات صناعة الاسمدة ؟ .
فلنرى كيف تطورت ارباح شركات صناهة الاسمدة طبقا لتقرير البورصة فى الربع الاول من عام 2008 :
- شركة سماد مصر – ايجفرت زادت الارباح بنسبة 1150%
- الشركة المالية و الصناعية المصرية زادت الارباح بنسبة 163%
- شركة الصناعات الكيماوية المصرية – كيما زادت الارباح بنسبة 148%
- شركة أبو قير لصناعة الاسمدة و الصناعت الكيماوية زادت الارباح بنسبة 118%
و هكذا يكون المزارعين و المستهلكين قد دفعوا ثمن الاسمدة المرتفعة لكى تستطيع الشركات زيادة و تنمية أرباحها , و بالطبع سيحذو تجار الجملو و نصف الجملة و التجزئة حذو الشركة المنتجة لزيادة أرباحهم .
و بعد
فقد حاولنا بمجهود فردى متواضع و اعتمادا على القدر المتاح من المعلومات الموثقة , و بالاستفادة من الشفافية و الافصاح الذين تتمتع بهما البورصة المصرية , أن نوجد صلة و علاقة بين هذه الدعوى العادلة لتفعيل المادة رقم 10 من قانون حماية المنافسة و منع الممارسات الاحتكارية و بين ما يحدث فى الشارع و فى الاسواق و فى ردهات البورصة المصرية , و يؤثر على عينة من السلع الاساسية , لنصل الى حقيقة واضحة و هى أن رغبة المنتجين سواء من القطاع الخاص أو من القائمين على المال العام فى تحقيق الربح , هذه الرغبة قد تتحول , اذا لم تكن قد تحولت بالفعل , الى رغبة متوحشة تدهس فى طريقها لتجميع المليارات , تدهس المواطن و السلام الاجتماعى و الامن القومى و أمال و أحلام أبناء و بنات هذا الوطن , و مهما كان تأثير العوامل الخارجية , فمن المسئول عن تنظيم المصالح فى السوق المصرية المحلية ؟
و فى حدود علم المواطن العادى , فان السياسات المالية و النقدية و الاقتصادية التى تتبعها الحكومة و هى ما يسمى بسياسة الاصلاح الاقتصادى , قد تضمنت اصدار عدد من القوانين المتتالية مثل قانون حماية المستهلك و قانون حماية المنافسة و منع الممارسات الاحتكارية و قوانين أخرى عديدة للبنوك و لتخفيض الضرائب على الدخول و غير ذلك , بهدف الاسراع بالتحول للإقتصاد الحر .
و قد صدر قانون حماية المنافسة و منع الممارسات الإحتكارية متضمنا هذه المادة ضمن هذه المجموعة من القوانين , لطمأنة المجتمع على وجود ( صمام أمان ) يستخدم عند اللزوم لإيقاف ما قد يحدث من جموح للأسعار
, و بالتالى فإن أى محاولة لتجميد هذه المادة أو تجنب تفعيلها سوف يعنى إلغاء جزء هام يتعلق بحماية المواطن الضعيف الذى لا حول له و لا قوة و ترك الحبل على الغارب للرأسمالية التى استولت عليها الرغبة الشديدة فى جمع الارباح و لاشىء غير الارباح .

ثانيا : الدكتور حازم الببلاوى يدلى بحدث مطول لجريدة المصرى اليوم

ذكرت مذكرة دفاع هيئة قضايا الدولة اسم الدكتور حازم الببلاوى و استشهدت بمقتطفات من أرائه , و شاءت إرادة المولى أن يدلى الدكتور حازم الببلاوى بحديث لجريدة المصرى اليوم , بعددها الصادر يوم 3 يونيو 2008 , أى من أسبوع واحد فقط , تناول فيه الاوضاع الاقتصادية الراهنة فى مصر ( مرفق رقم 4 ) فماذا قال سيادته :

- نعم الاقتصاد المصري تحسن وحقق نسبة نمو جيدة لكن المستفيد منه شريحة بسيطة من الشعب والأغلبية تعاني.

- ورغم تلك المؤشرات المعلنة من صندوق النقد الدولي هناك عدة أمور تدعونا للتوقف ومنها أن هناك عجزاً في ميزانية الدولة يتزايد كل يوم، وديون الحكومة الداخلية والخارجية، إن لم تكن دخلت في مرحلة الخطر فهي قريبة منها، وأخيراً زيادة معدلات التضخم وعدم وجود حلول واضحة ومحسوسة فيما يتعلق بالبطالة.

- كما أن التركيز علي بعض المؤشرات دون الإشارة إلي مؤشرات أخري لا يوضح الصورة كاملة، فمثلاً الحكومة تتحدث عن زيادة كبيرة في معدلات الصادرات، لكنها لا تشير إلي زيادة أكبر في معدلات الواردات، كما أن الاقتصاد المصري يعتمد علي مصادر ريعية غير قابلة للاستمرار مثل تحويلات العاملين في الخارج وتحديداً في دول الخليج، والذين زادت تحويلاتهم في الفترة الأخيرة نتيجة الانتعاش الحاصل في الخليج.

- عندما تكون الصورة بهذا الشكل، ويتم توزيع النمو الاقتصادي الذي حققته الحكومة بشكل غير عادل، ويكون هذا النمو قائماً علي إهدار موارد الطاقة القليلة التي نملكها، ويجب أن تخصص للمستقبل، وعندما تعتمد الحكومة علي مصادر لا صلة لها بزيادة الإنتاجية في الدولة كما ذكرنا سابقاً وهي تحويلات العاملين في الخارج والنفط والغاز وإلي حد ما دخل قناة السويس - فإننا نؤكد أن هذا ليس في مصلحة البلد.

والضمان الحقيقي للتقدم هو أن يكون هذا التقدم وليد زيادة في إنتاجية المصريين، وأن يكون لدينا صناعات كفء تستطيع أن تنافس في الخارج، وللأسف ما حققناه في هذا الميدان قليل.

و و ردا على سؤال عن أهم مشاكل الاقتصاد المصرى قال سيادته :

- عندما نقارن مصر بالدول التي حققت نموا اقتصادياً كبيراً من الدول النامية، نجد هذه الدول بلا استثناء تحقق معدلات عالية من الادخار والاستثمار تتجاوز ٣٠% من ناتجها القومي، أما في مصر فهذه المعدلات تتراوح من ١٦و١٨% وهي معدلات لا تضمن استمرار النمو، بل الأخطر من هذا أن آخر بيانات صادرة من صندوق النقد الدولي عن مصر تؤكد أن معدل الادخار أقل من معدل الاستثمار، وهذا في حد ذاته يلقي شكوكا حول صحة معدلات النمو نفسها وعلي الأقل علي إمكان استثمارها، لأنه عندما ينخفض الاستثمار.. فكيف نحقق معدلات نمو جيدة؟!

الأمر الآخر أنه إذا كان صحيحاً أن هناك سوءاً في توزيع الدخول والثروات في مصر وهو أمر سيئ من ناحية العدالة الاجتماعية، فإن بعض الدول التي حدث فيها هذا النمط من التوزيع كانت تحقق علي الأقل معدلات ادخار كبيرة لأنه يقال إن الأغنياء أكثر قدرة علي الادخار، وحتي هذا الأمر لم يتحقق في مصر، وهذا يدل علي أن الأغنياء لا يقومون بزيادة معدلات الادخار كما يجب.

و تبدو شكوك الدكتور الببلاوى تجاه مشاركة الاغنياء فى التنمية الحقيقية واضحة و صادمة

وفي بداية ٢٠٠٨ زادت معدلات التضخم بشكل واضح وكبير ويقال إنها تجاوزت ١٥% مع استمرار عجز الميزانية وربما تفاقمه، وأكبر مشكلة تواجه الاقتصاد المصري هي أن معدل استثمارنا منخفض، والميزان التجاري مختل والمديونية الداخلية عالية وتكاد تصل إلي أكثر من ٧٠% من الناتج القومي، أما المديونية الخارجية فتصل إلي أكثر من ٣٠% من الناتج القومي، وهذه حدود عالية للمديونية لأن مجموع الديون يزيد علي الناتج القومي، والديون الطبيعية والآمنة لأي دولة يجب ألا تتجاوز ٦٠% من قيمة ناتجها القومي.

تعليق :
و يبدو لنا أن اشارة د. حازم الببلاوى الى ما يحدث فى مصر منذ بداية 2008 , يوضح نتائج السياسات المالية و النقدية التى تستخدمها وزارات الحكومة المصرية على مدى السنوات القليلة الماضية , فقد بدأنا نرى الحصاد فى صورة تضخم و ارتفاع اسعار و اختلال الميزان التجارى و مديونية انذر بالخطر , و المواطن البسيط هو الذى يدفع ثمن ذلك كله , بينما الحكومة تصر على استمرار السياسات المالية و النقدية التى يدينها مرجعها الاقتصادى الشهير .

و ردا على سؤال حول التوقعات بزيادة معدلات التضخم خلال العام المقبل , قال سيادته :
- زيادة معدلات التضخم ستضع الحكومة في مأزق، فمثلاً الحكومة تركز علي الجوانب البراقة، وكل يوم يصرحون بأن الصادرات زادت بنسبة ٣٠ % أو ٣٢ %، فهل سمعنا يوما ما وزيراً يقول إن الواردات قد زادت أو نقصت، إن الواردات في مصر تصل إلي نصف حجم الناتج الإجمالي للدولة، وهذا ليس خطيراً من الناحية الاقتصادية لكن بشرط أن تكون الصادرات كذلك.

تعليق :
و هنا يعنى صراحة أن الصادرات المصرية , برغم المساندة المالية التى تقدم للمصدرين , لم تأت بالفائدة المطلوبة للإقتصاد القومى , و لكن ربما كانت دعما يتزايد عاما بعد عام , يدفعة المواطن المثقل , دون أن يعود بالفائدة المرجوة على الاقتصاد القومى و يمتد أثره للمواطن العادى .

و يرى الدكتور الببلاوى أن المواطن لم يشعر بأثر الاصلاحات الاقتصادية للأسباب التالية :
-الشعب لا يشعر بهذه الإصلاحات لأن هناك أموراً أخري لاتقل أهمية عن المجال الاقتصادي لم يحدث فيها إصلاحات مثل القضاء الذي يحتاج إلي استقلال والتعليم الذي يحتاج إلي إعادة نظر كبيرة، كما أنه ورغم شفافية الحكومة في بعض الأمور فإن هناك جوانب مازالت مظلمة في المجال الاقتصادي وتحديداً في الإنفاق الحكومي بحجة الحفاظ علي الأمن القومي، وهناك شبهة احتكارات مرتبطة برجال أعمال يجمعون بين المال والسلطة، كل ذلك جعل الناس لا يشعرون بتلك الإصلاحات، فمثلاً يقال إن معظم الثروات الكبري التي تكونت في مصر في العقود الثلاثة الأخيرة كانت مرتبطة إما باستثمارات عقارية في أراض كانت مملوكة للدولة «عمليات تسقيع الأراضي من قبل رجال الأعمال» أو في قطاعات تم خصخصتها بأسعار ليست واضحة وبعضها بيع بأبخس الأثمان،

تعليق :
{ و لعل ما يكمل و يوضح و يلخص قضية تسقيع الاراضى , هو ما كتبه الصحفى الكبير عبد المحسن سلامة فى جريدة الاهرام عدد 4 يونيه 2008 , فى صفحة رقم 6 و فى عموده ( نقاط ساخنة ) تحت عنوان فلوس أحمد بهجت , و يشرح كيف ان الدولة خصصت له الارض , و أن بنوك الدولة أقرضته بضمانها دون أن يكمل سداد ثمنها , و لما عجز عن سداد قروض البنوك , تقرر بيع جزء من الاراضى التى منحتها الدولة لسداد القروض التى منحتها بنوك الدولة و يتبقى للسيد أحمد بهجت بضع مليارات من الجنيهات . ( مرفق رقم 5 )
و كذلك صورة الخطاب المؤرخ فى 21 اكتوبر 2007 و يشير الى امتلاك شركة رواد دهب لمساحة 4 ملايين متر مربع , على ساحل خليج العقبة , تم تخصيصها بطريق البيع بسعر دولار واحد للمتر المربع
( مرفق رقم 6 ) و هو يوضح كيف يتم استغلال هذه الاراضى بعد تخصيصها من قبل الدولة }
و لعل ما يؤكد وجهة نظر الدكتور الببلاوى و يوثقها هو( المرفق رقم 7 الصفحة رقم 3 الفقرتين : الرابعة و العاشرة ) و هو عبارة عن دراسة صادرة عن مركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء , إذ يشير الى حقيقيتين فى غاية الاهمية :
- الاولى : هى انخفاض مساهمة القطاع الخاص فى توليد الناتج المحلى الاجمالى بصورة متتالية خلال الفترة من 2001 الى 2006 من 66,9 % الى 62,9 %
- الثانية : استحواذ قطاع الانشطة العقارية على النسبة الاعلى من استثمارات القطاع الخاص , حيث بلغت حوالى 41,8 مليار جنيه خلال الفترة من 2001 الى 2006 و هو ما يمثل 19,4 % كمتوسط من إجمالى الاستثمارات الخاصة المنفذة خلال الفترة نفسها .
و بالطبع لا يخفى على الجميع ماذا تعنى الاراضى فى الانشطة العقارية .
فهل هذه هى السياسات المالية و النقدية و الاقتصادية التى تستخدمها الحكومة لتطبيق قواعد الاقتصاد الحر

و نعود الى حديث الدكتور حازم الببلاوى حول اسباب عدم شعور المواطن بالاصلاحات الاقتصادية فنجده يقول

كما أن احتكار بعض السلع الرئيسية يتعارض مع منطق اقتصاد السوق السليم ويجعله ينحرف لمصلحة عدد من المستفيدين، وللأسف بعض المحتكرين من رجال الأعمال إما في السلطة أو علي علاقة قوية معها، وهذا ما يصيب الشعب بالإحباط ويجعله يشعر باليأس من المستقبل وعلي الحكومة أن تعلم الشعب كيف ينتج.. لا كيف يسرق!!، وفي رأيي أنها هي السبب في زيادة ثراء الأغنياء ومعاناة الفقراء من غالبية الشعب.

تعليق :
و هنا يكون تشخيص المرجع الاقتصادى الذى رجعت اليه مذكرة الدفاع , لاسباب المشاكل الاقتصادية متطابقا بالكامل مع رأى المواطن العادى , و مع رأينا , ذلك أن الحكومة لم تفعل شيئا يذكر لتحسين التعليم , بل خفضت ميزانيته , و لم تفعل ما يكفى لمواجهة احتكارات السلع الرئيسية لمصلحة عدد من المستفيدين و المحتكرين من رجال الاعمال الذين يحتلون مواقعا فى السلطة أو على علاقة قوية بها .
و هنا فإننا نلتمس من قضاء مصر الشامخ و العادل , أن يخضع هولاء الناس و قراراتهم و سياساتهم الاقتصادية لرقابته و أن يؤكد أن لا شىء يخرج عن رقابة القضاء , خاصة عندما يتعلق الامر بقوت الناس و حياتهم و قبل ذلك و بعده بأمن و استقرار الوطن .

و عند سؤال الدكتور الببلاوى عن أى نظام اقتصادى تنتمى اليه مصر , لان أفراد الشعب لا يعرفون ما إذا كان الاقتصاد المصرى رأسماليا أو اشتراكيا حتى الان , قال :
- النظام يأخذ شكل اقتصاد السوق ولكن الدولة مازالت هي اللاعب الأساسي فيه، فبدلاً من أن تسير السوق النشاط الاقتصادي تحت رقابة الدولة حدث العكس وهو أن الدولة تنفذ ما تريده من خلال هذه السوق الطيعة، واقتصاد السوق كان من المفروض أن يبعد الدولة ويجعلها في دور المراقب لكن الذي حدث هو أن الحكومة هي التي عملت السوق وهي اللاعب الأساسي فيها وتحركها كما تشاء.

تعليق :
و هنا يكشف الخبير الاقتصادى المصرى , و الذى يشغل منصب مستشار صندوق النقد العربى , عن حقيقة غاية فى الخطورة و هى أن الحكومة هى اللاعب الاساسى فى السوق , و فى حدود القضية التى نتحدث فيها الان فإن الحكومة تدير مئات الشركات فى المجالات الاقتصادية المختلفة بواسطة الشركات القابضة العديدة التى تتبع وزارات الاستثمار و البترول و الزراعة و الصحة و غيرها من الوزارات و الهيئات و هى ايضا تصدر قرارت بمنح دعم نقدى مباشر للمصدرين باسم المساندة المالية , و تصدر قرارت بمنح دعم بمليارات الجنيهات فى مجالات الطاقة و البترول لمصانع و صناعات بعينها , و تبيع شركات و أراضى بطرق عديدة لنفس النوعية من رجال الاعمال , و هى التى تصدر التسعيرة الجبرية للدواء فى السوق المصرية , و التى غالبا ما ترفع سعره , و هى التى تصدر التسعيرة الجبرية لشراء المحاصيل الزراعية من الفلاحين , و غالبا ما تبخس حقوقهم ,و هى التى تقدم مل أشكال الدعم المادى و المعنوى لمؤسسات كاتحاد الصناعات و اتحاد الغرف التجارية و جمعيات المستثمرين , و جمعيات رجال الاعمال فى طول البلاد و عرضها , و كل ذلك يخرج عن مجرد السياسات المالية و النقدية , و لكن نفس الحكومة لا تعطى ( جمعيات حماية المستهلك ) الا الفتات و بالتاللى فقد خرجت عن دور ( المراقب ) و انحازت لجهة دون الاخرى , و اصبح المستهلك المصرى يبحث عمن يساعده فى الدفاع عن حقوقه , و هو لا يطلب غير الحيادية التى غابت عن السوق المصرية .
و فى قضيتنا اليوم تقف الحكومة أمام الملايين لتعلن انحيازها و عدم رغبتها فى القيام بدور المراقب الموضوعى للسوق و متمسكة بإتاحة كل الفرص لرجال الاعمال الذين قال الدكتور الببلاوى أنهم إما يمسكون بالسلطة أو على صلة ما بها .
و لعل مانشره الاهرام عن فلوس احمد بهجت , و أشرنا اليه منذ قليل هو خير دليل على أن الدولة تمنح و تمنع و تتدخل فى السوق بأكثر كثيرا من السياسات المالية و الاقتصادية .

و تأكيدا على رغبتنا فى وضع الحقيقة كاملة أمام عدالة المحكمة , فإننا نلتمس من عدالتها الاذن للمدعين فى هذه الدعوى , بمخاطبة الجهات المسئولة فى وزارة الصحة و هيئاتها و مصالحها و الحصول على نسخة من جميع القرارات التى اصدرتها بتسعير الادوية المتداولة فى مصرفى الفترة من بداية عام 2004 و حتى اليوم , و كذلك السماح لهم بمخاطبة المسئولين بمجلس الوزراء و وزارة الزراعة و هيئاتها و مصالحها و معهم بنك التنمية و الائتمان الزراعى للحصول على جميع القرارات الصادرة بتحديد اسعار شراء المحاصيل الزراعية من المزارعين , خلال الفترة ذاتها , حتى يكون ذلك دليلاا عمليا لا يقبل التشكيك على قيام الجهات الحكومية باستخدام التسعير الجبرى و هو إجراء ادارى , خلال عملها لإدارة الاقتصاد المصرى بشكل منتظم و متكرر بعكس ما تدعى مذكرة الدفاع
و من ثم لا يكون هناك أدنى وجه للمراوغة و التهرب من تطبيق المادة العاشرة فى الدعوى الهامة التى نحن بصددها و التى يستفيد منها عشرات الملايين من ابناء الوطن

وكثيرا ما يردد بعض المسئولين مقولة ( ضرورة الاهتمام بمحدودى الدخل , فكيف يرى الدكتور الببلاوى هذه المقولة ؟ إنه يقول بالحرف الواحد :
- هذه المقولة «أسطوانة مشروخة» يريدون تخدير الشعب بها وهي تسيء للحكومة أكثر مما تفيدها. ومحدود الدخل يكفيه ما يقرؤه في الصحف أو يشاهده في التليفزيونات من إعلانات عن الفيلات والقصور والشاليهات في العين السخنة والغردقة والساحل الشمالي وفي منتجعاتنا المنتشرة بطول البلاد وعرضها، فهل هناك استفزاز أكثر من ذلك لمحدودي الدخل الذين يعانون للحصول علي رغيف العيش.

تعليق :
ففى الوقت الذى يتحدث فيه السيد رئيس الجمهورية عن العدالة الاجتماعية , فى جميع خطبه و احاديثه , و عن ضرورة وصول جزء عادل من عائد التنمية الى المواطن العادى , نجد أن الثروة تتجه الى فئة دون عامة الناس , و نجد المواطن يجاهد لتحسين دخله و يطالب بحد أدنى للأجور لمواجهة صعوبات الحياة التى نتجت عن السياسات الحكومة , و عن الرقابة على هوامش الارباح الفاحشة , عن الضرائب التصاعدية على الارباح الناتجة عن الاحتكار , بل ان المواطن اصبح يجاهد للحصول على رغيف العيش , و تشهد بذلك طوابير الخبز , و يجاهد للحصول على مياه للشرب , و تشهد على ذلك واقعة قطع الطريق الدولى فى الصيف الماضى , فيما عرف بثورة الجراكن , فى ظل ذلك كله , تطلب منا الحكومة أن نكذب أنفسنا و أن نصدقها و أن كل شىء تمام , و كأنها لاتشعر بنتائج قراراتها و سياساتها , التى تدفع الملايين من أبناء الوطن الى مصير مجهول .

ثالثا : حول صدور حكم إلزام الدولة بالانفاق على فقيرة

بعد صدور حكم يلزم وزارة المالية بدفع نفقة شهرية لفقيرة عاجزة عن الكسب , أرسل السيد المستشار الدكتور محمد شوقى الفنجرى , نائب رئيس مجلس الدولة الاسبق و استاذ الاقتصاد الاسلامى , لجريدة الاهرام عدد الجمعة 6 يونيو 2008 ( مرفق رقم 8 ) قائلا ان حكما مشابها كان قد سبق فى مصر إبان الملكية , قبل أكثر من نصف قرن , و أنه لم يمكن تنفيذه بسبب التزام مصر بالقوانين الوضعية , أما اليوم و دستورنا يلزم القضاء بالرجوع و الالتزام بالشريعة الاسلامية , فان الحكم الصادر مؤخرا من محكمة دسوق يلقى قبولا و تزكية من ولى الامر بحيث لا يقبل من وزارة المالية الطعن فيع بالاستناف أو أن تهدر أو تماطل فى تنفيذه .
و تأكيدا لهذا الحكم , يقول المستشار الدكتور الفنجرى إن الاسلام مع ضمان حد الكفاية أى المستوى اللائق للمعيشة و ليس مجرد حد الكفاف لكل فرد يعيش فى مجتمع اسلامى ايا كانت ديانته او جنسيته , و يسترسل سيادته فى سرد الادلة و الاسانيد حتى يتقل عن سيدنا عمر بن الخطاب قوله ( انى حريص على ألا أدع حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا بعض , فإذا عجزنا تأسينا فى عيشنا حتى نستوى فى الكفاف ) و يذكر قول الخليفة الرابع سيدنا على بن ابى طالب ( إن الله فرض على الاغنياء فى اموالهم بقدر ما يكفى فقراءهم ) و من هنا كانت مقولة الصحابى أبو ذر الغفارى : ( عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه )

و ختاما , نتشرف أن نفدم لعدالة المحكمة ملخصا لاستطلاع رأى المواطنين حول رؤيتهم لعام 2007 ( مرفق رقم 9 ) أعده مركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء فى ديسمبر من نفس العام و يقول فى الفقرة الاولى من الصفحة رقم 4 , أن 47 % ممن استطلعت أراؤهم يرون أن عام 2007 كان أسوأ من عام 2006 , و أن 25 % منهم قالوا أنه لا يوجد فرق بين العامين , و يضيف فى الفقرة الاولى من الصفحة رقم 5 أن 87 % ممن يرون أن عام 2007 أسوأ من عام 2006 , يرون ايضا أن ارتفاع الاسعار هو أسوا ما فى عام 2007 .
إن استطلاع الرأى هذا , الذى أجرته جهة حكومية يدل بشكل قاطع أن المواطن المصرى لم يشعر بما تراه الحكومة و تتحدث عنه من مؤشرات و احصائيات و نظريات فى الاقتصاد و التضخم العالمى و الاصلاح الاقتصادى و نسب النمو لانها لم تصل اليه , رغم أن المواطن العادى لا يحلم بتماثيل رخام ع الترعة و أوبرا و لا يحلم بفيللا فى مارينا و لا القطاحية , فإذا كانت العبرةة بالنتائج , فإن عام 2007 لم يكن عاما مرضيا للمواطن المصرى بسبب ارتفاع الاسعار, و الأمر الخطير و الذى يجب أن ننتبه له جميعا هو أن ذلك العام لم يشهد سوى بدايات ارتفاع الاسعار
ذلك أن بيان الارقام القياسية الشهرية لاسعار المستهلكين الصادر عن نفس المركز الحكومى الشهير ( مرفق رقم 10 ) يقول أن الاسعار زادت 8,8 نقطة خلال عام 2007 بأكمله , أما الشهور الاربعة الاولى من عام 2008 فقد شهدت ارتفاع الاسعار 16 نقطة , أى أن زيادة الاسعار فى أربعة أشهر فقط من العام الحالى تقترب من ضعف الزيادة التى حدثت فى عام 2007 بأكمله و حتى قبل القرارات الحكومية الاخيرة بزيادة الاسعار بعد العلاوة التى أمر بها السيد رئيس الجمهورية , و من هنا يأتى وجه الخطورة والجدية و المصلحة و الاستعجال فى وقف هذا الطوفان الذى لا نعرف الى أين سينتهى بنا ,,,,,

مقدمه

رضا أحمد عيسى
مواطن و مستهلك مصرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق