الأحد، 8 يونيو 2008

اباظة يصر علي رفع شعار الأسعار العالمية في مغامرة تقود مصر إلي كارثة غذائية

إضغط لتكبير الصورة

الفجر: من النكات الشهيرة عن اخواننا الصعايدة نكتة عن الصعيدي اللي صيف في عز الشتا وعن بلدياتنا اللي اشتري الباشوية بعدما الغت الحكومة الالقاب والآن تغير الأمر، فالحكومة تصيف في شاطئ الخصخصة في عز موسم تخلي العالم كله عن قواعد الرأسمالية والعولمة. الحكومة تسير في اتجاه تحرير الزراعة في مصر في وقت تتجه اكبر الدول الرأسمالية لاجراءات حماية قصوي في الانتاج الزراعي. الكل الآن يغلق الابواب والشبابيك علي انتاجه الزراعي ووزير الزراعة لايزال مع الاقتصاد المفتوح علي البحري حين اختار رئيس الحكومة احمد نظيف أمين أباظة كوزير للزراعة اصيب البعض بصدمة من هذا الاختيار ورفضوا ترك قطاع الزراعة باهميته واتساعه وخطورته في يد رجل اعمال، وتوقع له قلة النجاح بوصفه يملك خبرة في دمج القطاع الزراعي في آلة العولمة وهو الامر الذي لم يتم الا بتحرير قطاع الزراعة والآن تغير الوضع عالميا من خلال ازمة الغذاء.

هذه الازمة جعلته الأبعد عن العبور بمصر من ازمة الطعام وشبح المجاعة الذي يهيمن علي الاجواء العالمية. فوزير الزراعة القادم من منطقة البيزنس يسير بمصر في اتجاه معاكس إلي طريق اخره المجاعة وليس مجرد شبحها. اباظة يصر علي رفع شعار الأسعار العالمية في مغامرة تقود مصر إلي كارثة غذائية في ظل الارتفاع الرهيب لأسعار الطعام عالميا فقد ارتفع سعر الأرز في الثلاثة أشهر الاولي من هذا العام بنسبة 141% فيما ارتفعت اسعار المواد الغذائية في التسعة اشهر الاخير بنسبة 45% ووصف برنامج الغذاء العالمي الازمة بأنها تسوماني صامت.

بدأ اباظة عملية تحرير الزراعة بأن تبرع بشراء الاسمدة من الشركات المنتجة بالسعر العالمي رغم ان هذه الشركات تتبع الدولة سواء بتبعيتها لوزارة الاسثتمار (شركات قطاع اعمال) أو برأسمالها المملوك لوزارة البترول. ثم رفع الوزير سعر توريد الاسمدة للفلاحين لكي يتقرب من السعر العالمي ثم قام برفع سعر توريد القمح للفلاحين بالسعر العالمي وبرر الوزير الرفع الاخير بأنه تعويض للفلاحين عن ارتفاع تكلفة مدخلات الزراعة التي تولي الوزير بعبقرية نادرة رفعها بنفسه، وبعيدا عن حسن النوايا أو بالأحري سوء النية فإن عملية اباظة لايمكن النظر اليها بعيدا عن الاتجاه عن تحرير الزراعة في مصر وترك تحديد الاسعار للعرض والطلب في السوق المحلي والعالمي.

كلمة السر عنده الاسعار العالمية وكأنه لايزال رئيس مجلس ادارة شركته (النيل الحديثة للأقطان) وليس وزير زراعة مهمته الاولي توفير غداء رخيص لملايين المصريين. اباظة يبدو خارج ما يحدث في العالم. عالم اعلن حالة الطوارئ لمواجهة ازمة غلاء اسعار الغداء. لم يقرأ تصريح رئيس البنك الدولي من ان مواجهة الازمة لاتحتاج لمزيد من العولمة. لم يدرك أمين أباظة كرجل أعمال أن الاسعار العالمية ارتفعت نتيجة مضاربات في بورصة الغذاء بسبب هروب المسثتمرين من بورصة السوق العقارية بعد الازمة الامريكية وبالمثل للهروب من اضطرابات بورصة البترول وهبوط سعر الدولار لم يعرف وزير الزراعة ان سعر الذرة يرتفع بجنون بسبب الوقود الحيوي ويشهد انتاجه معدل نمو سنوي يبلغ 15% وسط توقعات بان تصل النسبة إلي 30% وضاعفت امريكا انتاجها من الوقود الحيوي لاكثر من خمس مرات خلال عامي 2003و2005.

من باب الموضوعية ان اباظة وجد انصارا في سياسة تحرير الزراعة في مصر وان كان في بعض الاحيان مجرد واجهة وان الحكومة وحزبها كانا يسيران في نفس الاتجاه العالمي ولكن الازمة الحالية تتطلب ليس فقط التوقف عن السير في هذا الاتجاه بل العودة للوراء والاستعانة بحلول من الماضي الذي تكرهه نجوم الحرس الجديد في امانة السياسات.

الزراعة كانت لسنوات طويلة تحت السيطرة المباشرة للحكومة بدءاً من تحديد نوع المحاصيل التي تتم زراعتها في كل موسم وكل حوض زراعي، وانتهاء بشراء المحصول من الفلاحين مرورا بتقديم جميع اشكال الدعم للعملية الزراعية من اسمدة وخدمات فنية للإرشاد الزراعي ومقاومة الآفات. هكذا صار الامر مع القطن والقمح والارز. وكانت الحكومة تحدد سعر التوريد بهامش ربح للفلاحين. وتولي لوبي الصعيد زيادة توريد سعر قصب السكر ولوبي الوجه البحري زيادة سعر توريد القمح والغاء غرامات زراعة الارز بالمخالفة لقرارات وزارة الزراعة لان الحكومة كانت تحدد مساحات لزراعة الارز حرصا علي الموارد المائية من محصول تتطلب زراعته كثافة مائية.

لم يكن الوضع مثاليا للفلاحين في بعض السنوات ولكنه ضمن لمصر الحد الاقصي من الاستفادة من ثروتها الزراعية وضمن للفلاحين حدا ادني من الارباح وحدا كبيرا من الامان في مواجهة ازمات الزراعة وكوارث الاضطرابات المناخية أو في حالة انخفاض الاسعار العلمية ولجوء التجار للشراء من الخارج ولكن الحكومات المتعاقبة بدأت خطوات بطيئة في اتجاه تحرير الزراعة وتولي اباظة في حكومة نظيف الاسراع بالتحرير وبدأ بالفعل العملية في الاسمدة والقمح وبدأ التفكير في بيع المشروعات الزراعية التي تملكها الدولة ولا أظن ان اباظة مستعد لمنافسة الشركات العملاقة لو نزلت مصر لشراء محصول القمح أو الارز بثلاثة اضعاف سعر الحكومة في اطار المضاربة العالمية في بورصات الغذاء.

لايملك اباظة وحكومته خطة أو سلطة علي المشروعات الزراعية التي يقيمها القطاع الخاص والتي تتمتع بإعفاء ضريبي لمدة 10 سنوات فضلا عن بيع الارض لهم بتراب الفلوس. ورغم كل ذلك لاتملك الحكومة سلطة تحديد الزراعات في هذه الاراضي، والنتيجة اننا نصدر الخضراوات والفواكه الخالية من المبيدات ونجني البعض الارباح الخرافية ولكننا نعجز عن توفير القمح والذرة لملايين المصريين.

في اطار التصييف في عز الشتاء يتم التخلص من مزارع الدواجن في المحليات. فالآن لم تعد تربية الفراخ تحت مظلة الحكومة نكتة يتداولها اهل البيزنس. ولم تعد حرية التجارة مطلقة في ظل الأزمة فالاتحاد الأوروبي وضع قيوداً علي تصدير منتجات الالبان الأوروبية إلي خارج دول الاتحاد وفي دفاعها عن هذا الوضع قالت مستشارة المانيا ميركل لو بدأ100 مليون طفل صيني بشرب الحليب كل يوم لعانت أوروبا من نقص الالبان لأطفالها، الشعار الآن هو أهل البيت أولي والاجراءات الحمائية هي سيدة الموقف في كبري الدول الرأسمالية وبالبلدي اللي يحتاجه البيت يحرم علي الجامع ياوزير الزراعة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق