الخميس، 8 مايو 2008

علاجا مرا يتعاطاه المواطن مضطرا علي أمل الشفاء من داء الغلاء

الاهرام - بقلم عبدالعظيم الباسل


في توقيته المناسب جاء قرار الرئيس مبارك بزيادة أجور العاملين‏30%‏ ـ دفعة واحدة ـ تخفيفا من معاناة الغلاء التي طحنت محدودي الدخل بعد أن سجل ارتفاع الأسعار انفلاتا ملحوظا تجاوز نسبة‏48%‏ خلال العام الحالي‏.

ولم يكد يمضي علي القرار سوي‏5‏ أيام حتي فاجأتنا الحكومة من داخل البرلمان ـ أمس الأول ـ بسبع إجراءات اقتصادية توفر‏14,4‏ مليار جنيه سنويا لتمويل العلاوة وإمكانية صرفها‏.‏ ولكن إذا كانت تلك الاجراءات السبع هي أفضل الخيارات المطروحة أمام الحكومة بعيدا عن‏80‏ مليار جنيه من الضرائب المتأخرة وضريبة عقارية مجمدة وراكد حكومي من السلع تقدر قيمته بـ‏60‏ مليار جنيه‏!‏

نقول إذا كانت تلك هي رؤية الحكومة لتدبير قيمة العلاوة وتحقيق العدالة الإجتماعية فإن بعض هذه الاجراءات قد صادفه الصواب وبعضها الآخر شابه الكثير من الخطأ نورده في الملاحظات التالية‏:‏

*‏ أولا‏:‏ أن ثبات أسعار الطاقة من غاز وكهرباء في المنازل جاء في الحقيقة لصالح محدود الدخل‏..‏ ولكن من يضمن ثبات أسعار الأسمنت والحديد والأسمدة باعتبارها من الصناعات التي تستخدم الطاقة بكثافة بعد زيادة أسعارها بنسبة‏85%‏ وماذا لو لجأ أصحابها لتعويض فارق السعر من المستهلكين؟

*‏ ثانيا‏:‏ أن فرض رسم علي استخراج الطفلة من المحاجر بمعدل‏27‏ جنيها عن كل طن سوف يرفع بالضرورة أسعار السيراميك ومواد البناء الأخري‏,‏ الأمر الذي سيزيد أعباء الباحثين عن مسكن أو بنائه بأقل التكاليف؟‏!‏

*‏ ثالثا‏:‏ صحيح أن فرض رسوم جديدة علي تراخيص السيارات الخاصة جاء في مجمله لصالح السيارات الشعبية في مواجهة السيارات الاستفزازية ـ استنادا لسعة المحرك ـ ولكنه ساوي من ناحية أخري في دعم البنزين بين السيارات الأسرية سعة‏1600‏ سي سي وبين السيارات الفارهة الأكثر استهلاكا له‏,‏ الأمر الذي كان يتطلب ثبات سعر البنزين‏90‏ علي الأقل‏.‏

*‏ رابعا‏:‏ أما ضريبة المبيعات علي السجائر بمعدل‏10%‏ علي المحلية و‏33%‏ علي المستوردة فقد جاءت بصورة منطقية قياسا بعائدها البالغ‏1,3‏ جنيه سنويا ولا مانع من رفعها مرة أخري‏.‏

*‏ خامسا‏:‏ لقد أغفل إلغاء إعفاءات التعليم الخاص من الأرباح نحو‏20%‏ من المصريين يلجأون إلي هذه المدارس والجامعات والتي سوف ترفع رسوم القبول بها في مواجهة سوء الخدمة التعليمية بالمدارس الحكومية‏!‏

*‏ سادسا‏:‏ وتأتي الضربة القاضية بزيادة ضريبة المبيعات علي البنزين والسولار والكيروسين دون الانتباه لما يترتب علي رفعها من ارتفاع في أسعار السلع وخدمات النقل‏,‏ الأمر الذي بدد فرحة العلاوة قبل مجيئها رغم تأكيد رئيس الوزراء بأن محدود الدخل سوف يتأثر بنسبة‏10%‏ فقط‏.‏

أن تلك الاجراءات تمثل علاجا مرا يتعاطاه المواطن مضطرا علي أمل الشفاء من داء الغلاء ويبقي علي الحكومة ومحافظيها مراقبة أسعار السلع بالأسواق وضبط رسوم الخدمات لإنقاذ ما بقي من العلاوة التي استقبلها المواطن في البداية كنعمة ويخشي الآن أن تتحول إلي نقمة كان في غني عنها قبل مجيئها‏.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق