من التظاهرات الأخيرة في مصر على خلفية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية |
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)
مرة أخرى، وربما لن تكون الأخيرة، تتعرض الحكومة المصرية لإنتقادات العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، بعد أن قامت الأجهزة الأمنية بمداهمة إحدى شركات البث الفضائي، ومصادرة أجهزتها، بدعوى عدم امتلاكها تصريح رسمي لممارسة عملها، فيما تؤكد مصادر الشركة أن "الإعتداء" جاء نتيجة "خلفيات سياسية."
وبينما وصف نادر جوهر، رئيس مجلس إدارة "شركة أخبار القاهرة" CNC لخدمات البث التلفزيوني الفضائي ما قامت به السلطات المصرية من دهم لمكاتب الشركة ومصادرة أجهزتها، بأنه "غباء إعلامي" وظلم للأمن والإعلام على حد سواء، قال مسؤولون بوزارة الإعلام المصرية إنها قدمت بلاغًا ضد الشركة، بسبب ممارسة عملها دون تصريح من الجهة الإدارية المعنية.
ورفض جوهر، في تصريحات لموقع CNN بالعربية من مكتبه بالقاهرة، الأسباب الشكلية التي قدمتها الأجهزة الأمنية لتبرير الحملة التي نجم عنها إقفال شركته، والتي تركزت على انتهاء مدة رخصته، وعدم تجديدها في الموعد المحدد، مؤكداً أن السبب الحقيقي يقوم على خلفية بث مؤسسات إعلامية دولية، تتعاون معها الشركة، للمظاهرات الواسعة التي شهدتها مصر في الثامن من أبريل/ نيسان الماضي.
وقال جوهر إن اتحاد الإذاعة والتلفزيون في مصر لا يحق له تقديم شكوى بحق مؤسسته، باعتبار أن قانون تأسيسه، الذي وضع عام 1960، وعُدل عام 1979، صدر لتنظيم الإذاعة والبث، وذلك قبل ظهور الفضائيات والأقمار الصناعية.
واستطرد جوهر بالإشارة إلى أن قانون اتحاد الإذاعة والتلفزيون "ليس فيه إجراءات عقابية"، مشيراً إلى أن أحداً لم يواجهه حتى الآن بالأسباب الحقيقية لإقفال مؤسسته، حيث "تأتيه القصص بصورة ملتوية"، في حين أن "المظاهرات هي السبب الحقيقي"، على حد تعبيره.
وذكر جوهر أنه قام بعدة خطوات لضمان استمرار عمل العديد من الشبكات الفضائية التي كانت تعتمد على شركته للبث، مشيراً إلى أن قوات الأمن "سحبت منه المعدات، ورفضت منحه تصريحاً لاستيراد معدات بديلة."
وعن موقفه مما يتعرض له، قال رئيس مجلس إدارة "شركة أخبار القاهرة": "ليس لي خلفية أو نشاطات سياسية.. ومحاولة إقحامي في السياسة ممارسة خاطئة.. هذا غباء إعلامي.. مواجهة الإعلام بالأمن فيه ظلم للأمن وظلم للإعلام، ولا يمكن مواجهة الإعلام إلا بمثله، وكل مواجهة بخلاف ذلك ستفشل."
أما مسؤول الاتصال السياسي بوزارة الإعلام، أحمد سليم، فقد أكد أن الوزارة ليس من سلطتها إغلاق أي شركة تعمل في مجال الخدمات الإعلامية، مشيراً إلى أن هذه الشركات يتم إنشاؤها بموجب تصريح من هيئة الاستثمار، أو جهات حكومية أخرى.
واوضح سليم في تصريحات لـCNN بالعربية، أن دور وزارة الإعلام فيقتصر على مراقبة عمل تلك الشركات، ومنحها التصاريح اللازمة لممارسة عملها.
وأشار سليم، إلى أن تقديم الوزارة بلاغاً للنائب العام ضد شركة CNC، يرجع إلى أسباب قانونية بحتة، ولا توجد أية خلفيات سياسية وراء هذا البلاغ، وهو ما أكده أيضاً إبراهيم عوض، مدير مكتب وزير الإعلام، أنس الفقي.
ولكن المسؤول الحكومي أقر بأن عدد من الشركات تقدمت بطلبات للوزارة للحصول على تصريح لعمل وحدات البث الفضائي التابعة لها، وقال إن هذه الطلبات "ما زالت قيد الدراسة"، دون أن يؤكد ما إذا كانت شركة CNC من بين هذه الشركات أم لا، موضحاً أن الملف لدى رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، أحمد أنيس.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش، التي تعنى بحقوق الإنسان، قد أصدرت السبت بياناً قالت فيه إن السلطات المصرية "استخدمت قوانين الترخيص الخاصة بالإعلام لعقاب شركة إعلامية على صلة ببث معلومات فيها انتقاد للحكومة."
وقالت المنظمة إن اتحاد الإذاعة والتلفزيون- الذي تديره الدولة- "تقدم بشكوى ضد شركة أخبار القاهرة (CNC) في 8 أبريل/ نيسان 2008، بعد يوم من بث قناة 'الجزيرة' لتغطية تظاهرات موسعة في الشوارع، تنتقد الحكومة في منطقة دلتا النيل."
ووجّه إلى جوهر تهمة استيراد وحيازة معدات تلفزيونية وبث تلفزيوني دون ترخيص.
وكان من المقرر أن يمثل جوهر أمام المحكمة للنظر بالقضية في 26 مايو/أيار، إلا أن القاضي أجّل الجلسة إلى 16 يونيو/ حزيران المقبل، علماً أنه من الممكن أن تصل عقوبة جوهر إلى السجن مدة عام على الأقل، مع دفع غرامات مالية.
وتوفّر CNC خدمات بث فضائي ومعدات للشبكات التلفزيونية التي تعمل في مصر، ومنها قناة الجزيرة وBBC وCNN.
هيومن رايتس ووتش تربط بين إقفال الشركة ووثيقة الإعلام العربي |
ووفقاً لهيومن رايتس ووتش، فقد دهم 35 عنصراً من رجال الشرطة في ثياب مدنية مقر CNC في القاهرة، وصادروا وحدات البث الفضائي الخمس لدى الشركة، مما أدى عملاً لإغلاقها.
وقال جوهر للمنظمة التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، إن رخصة شركته انتهت في شهر يوليو/تموز 2007 بعد أن كانت تعمل بصفة قانونية لمدة عام.
وأكد على إنه عندما حاول تجديد الرخصة، أبلغته السلطات، متمثلة في وزارة الاتصالات، أن عليه الانتظار حتى صدور الأنظمة الجديدة، لكن يمكنه الاستمرار في العمل إلى ذلك الحين.
وربط تقرير هيومن رايتس ووتش بين الخطوة التي استهدفت CNC، وبين قيام مصر والمملكة العربية السعودية بتقديم وثيقة "مبادئ تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية"، التي تبنتها جامعة الدول العربية، وتدعو الدول الأعضاء إلى منع المحطات التلفزيونية الفضائية من بث ما من شأنه "التأثير سلباً على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام والآداب العامة" أو "عدم تناول قادتها أو الرموز الوطنية والدينية (للدول العربية الأخرى) بالتجريح.
وجاء إغلاق CNC إثر حجب ثلاث محطات فضائية عن البث على قمر "النايل سات"، الذي تسيطر عليه الحكومة المصرية، منذ تبني جامعة الدول العربية لمبادئ البث الفضائي.
وفي 1 أبريل/ نيسان توقف "النايل سات" على حين غرة عن بث محطة الحوار الفضائية، وهي قناة فضائية عربية مقرها لندن، دون تقديم أي سبب.
وكان جدول بث محطة الحوار يشمل برنامج "حقوق الشعوب"، وهو برنامج يناقش فيها نشطاء حقوق الإنسان والضحايا الانتهاكات التي ترتكبها الحكومات العربية، بما في ذلك التعذيب في مصر، وبرنامج "أوراق مصرية" وهو برنامج يظهر فيه إبراهيم عيسى وغيره من الأشخاص المعروفين بمعارضتهم للحكومة.
كما سبق "للنايل سات" أن توقف عن نقل بث قناة "البركة،" الإسلامية، إلى جانب وقف قناة "الحكمة،" الإسلامية أيضاً، في حين احتجزت السلطات عدة مُدونين وصحفيين كانوا قد حاولوا تغطية تظاهرات المحلة في 6 أبريل/نيسان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق