| "العرب غيروا أنسابهم ليرضوا أمريكا" | القاهرة - وصف الكاتب الصحفي المصري الشهير محمد حسنين هيكل الحكام العرب بأنهم تجردوا من ملابسهم تماما للبحث في أنفسهم عن النموذج الذي ترغب الولايات المتحدة في تحقيقه فيهم. وفي محاضرة له مساء الخميس 29-5-2008 بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، قال هيكل إن: "العرب (الحكام) يقفون عرايا أمام المرايا للبحث عن العيوب والذنوب، وغاية أملهم صنع مثال لما يتصور بعضهم أن الولايات المتحدة تريد أن تراه فيهم، وهم يتقدمون إلى طلب قبولها ورضاها". وجاءت كلمة هيكل التي صاحبتها ملامح الآسى على وجهه في ختام دورة تدريبية نظمتها مؤسسة هيكل للصحافة العربية حول "سياسة الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا في الشرق الأوسط". واعتبر هيكل أن الساسة العرب في سبيل إرضاء أمريكا "رفعوا جفونا وشفطوا بطونا، وجربوا الأدوية والمساحيق والعطور مما عرفوه، أو لم يعرفوه، لكي يؤثروا ويأسروا،وبالغ الشطار منهم حتى وصلوا إلى حد تغيير الأنساب وإنكار الأصول ليعرضوا أصولا مختلفة بعد أن هيئوا الأسباب لحاضر مغاير". وواصل وصفه قائلا: "لقد وصل بهم الأمر إلى حد إطلاق النار على مراحل من التاريخ العربي، لكي تظهر صورتهم المرسومة المستجدة دون خلفيات تشوش على حسنها، وقد ظنوا أن ما صنعوه سوف يعجب العين الأمريكية ويخطف قلبها". وعلاوة على ما ذكر قال هيكل إن: "العرب أضافوا المال إلى الجمال حين رأوا وضع معظم استثماراتهم المادية والإنسانية، الإقليمية والعالمية، تحت تصرف الولايات المتحدة ورهن أمرها، وظلوا صابرين على رأسمالهم المادي وأرصدتهم الإنسانية أكثر من ثلاثين سنة، لم يدققوا خلالها ولم يحاسبوا". "وعندما جاءت لحظة حقيقية أمام الكنيست الإسرائيلي وفي ذكري نكبة فلسطين 4-5-٢٠٠٨ اكتشف العرب أن استثماراتهم السياسية والدولية، المعنوية والمادية، نفدت، وأن حسابهم لدى الولايات المتحدة مدين (مكشوف) وعليهم تسوية عجزه والسداد من الجسد الحي للأوطان إذا لزم، وإلا عرضوا أنفسهم للملاحقة وبعدها العقاب"، بهذا تابع هيكل حديثه في إشارة لخطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش في الكنيست والذي جاء منحازا لإسرائيل. طريق صدام ورغم هذه الجهود العربية التي وصفها بأنها جاءت لإرضاء واشنطن قال هيكل: "هناك قاعدة بديهية تؤكد أن سياسات الدول ترتبط وتسير وراء مصالحها، لكن سياسات الولايات المتحدة تمضي بإصرار على طريق صدام مع هذه القاعدة ومع العرب بشكل خاص". وفسر ذلك قائلا: "إن مصالح الولايات المتحدة الكبرى والحيوية في هذه المنطقة عند العرب يقينا، لكن هوى السياسة الأمريكية منجذب إلى ناحية إسرائيل دوما". وقال خلال المحاضرة التي حضرها أكثر من ألفي مدعو من كبار رجال السياسة والفكر والمثقفين والأساتذة بالجامعة الأمريكية: "إن الانحياز الأمريكي الجارف نحو إسرائيل تسبب في إساءات بالغة إلى العلاقات العربية الأمريكية، ومع ذلك فإن العرب ما زالوا في ارتباكهم". وأضاف: "بدلا من الحيرة والارتباك يكون الأجدى للعرب ترويض الذات وتهيئة المستقبل لعصر يظهر أمامهم زمانا أمريكيا له سلطانه". أصوات خافتة وفي الإطار ذاته أشار هيكل إلى وجود أصوات أمريكية داخل دوائر العلم والثقافة تتساءل عن موجبات هذا الانحياز الأمريكي المطلق لإسرائيل، وتحذر من أضراره على مستقبل المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، إلا أن هذه الأصوات ما زالت عند درجة التمتمة الخافتة. وألقى هيكل سؤالا قال إنه لا جواب عليه، وملخصه: هو كيف يمكن أن تكون مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط جميعها في حوزة العرب من المواقع إلى الموارد ثم تكون السياسة الأمريكية في معظمها انحيازا ضد العرب إلى درجة الجفاء والخصام؟! وعلى مدار اليومين اللذين يمثلان عمر الدورة التدريبية التي نظمتها مؤسسته تساءل هيكل عن الوضع العربي وكيف يمكن أن يكون هناك لوبي عربي يواجه اللوبي الصهيوني الذي يعد اللاعب والمحدد الرئيس في السياسة الأمريكية. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق